المقالات

حرب المياه

1737 00:03:00 2006-10-18

( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )

يكاد يجمع المحللون الستراتيجيون وخاصة العسكريين بأن الحروب التقليدية التي وقعت بين الدول منذ اندلاع الحرب الكونية الاولى وما تبعها من حروب وحتى نهاية الحرب الكونية الثانية لم تحمل معها ابادة الجنس البشري بمكوناته المعروفة(الشيوخ-النساء-الاطفال-الشباب)بل اقتصر الدمار على المقاتلين في جبهات القتال بالدرجة الاولى وبعض الاضرار التي اصابت المدنيين وهذا لا يعني ان مرتكبي ومسببي هذه الاضرار هم ليسوا مجرمي حرب بل ان اغلب القادة الالمان بعد انتصار الحلفاء على دول المحور قد سيقوا الى محكمة العدل الدولية في لاهاي بأعتبارهم مجرمي حرب.

هؤلاء الستراتيجيون يعتقدون ان اخطر الحروب التي يمكن ان تسبب كوارث انسانية لا يمكن تفاديها هي(حرب المياه)فالماء هو اساس الحياة كما اكد ذلك القرآن الكريم: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَي}.فالماء لا يمكن لاحد او حكومة او دولة او محور او تحالف ان يمنعه عن الآخرين فهو هبة الله لعباده وأساس حياتهم وما يتعلق بعيشهم ولولا توفر الماء لما بقي سكان الكرة الارضية على قيد الحياة، من هنا يحذر المحللون العسكريون الستراتيجيون من ان حرب المياه هي الاعم والاشمل فكل المخلوقات من بشر وحيوان ونبات يتأثر بها وتؤثر في بقائه وديمومته فالأضرار التي تسببها هذه الحروب-لاسمح الله-هي اشد بكثير من حروب الجبهات.

من هذه المقدمة نريد أن نصل الى ان العديد من الدول تتقاسم الثروات المائية حيث تمر الانهار في اكثر من دولة وكانت هذه الدول قبل الانفجار الصناعي والتطور التكنولوجي تعاني من مشاكل الفيضانات وخاصة بعد ذوبان الثلوج إلا ان هذه الثورة وهذا التطور اسيء استخدامه في عالمنا اليوم حيث بدأت الدول تنشئ السدود العملاقة وتقيم البحيرات الواسعة معتدية على حصص الآخرين خاصة الدول التي تنبع من أراضيها الانهار مما يسبب هذا الاعتداء الى تصحر ملايين الهكتارات من الاراضي المزروعة في الدول التي تتشاطأ مع دول المنبع الامر الذي يضر ضرراً بالغاً بأقتصادها وزراعتها وحتى تركيبتها السكانية حيث من المعروف ان الكتل البشرية غالباً ما تقيم مدنها على ضفاف الانهار.

العراق من هذه الدول التي تتشاطأ مع دول اخرى حيث ينبع دجلة والفرات من تركيا مروراً بسوريا ثم العراق ثم الخليج العربي، فخلال الثلاثين عاماً الماضية بدأت دولة المنبع تقيم سدوداً عملاقة وبحيرات ضخمة استأثرت باكثر من 50% من حصص سوريا والعراق وأثرت بشكل كبير على الاقتصاد العراقي والزراعة العراقية وحتى على التركيبة السكانية وأصبح العراق الذي اطلق عليه سابقاً(ارض السواد) اصبح اليوم يعاني من التصحر بسبب هذا المنع ومصادرة حصته من المياه.

لا نريد أن نذكر بالمعاهدات والاتفاقيات التي وقعها كل من العراق وسوريا مع دولة المنبع(تركيا) فهي كثيرة ومتعددة ومستوى الالتزام بها ضعيفاً لذلك نرى من الضروري ان لا تتمادى تركيا بحربها هذه ضد جيرانها وأن تستفيد من نصح المحللين الستراتيجيين لان حرب المياه لو وقعت-لاسمح الله-فستكون حرباً كونية ثالثة اوسع وأشمل بأضرارها من كل الحروب السابقة.

ان زيارة السيد رئيس الوزراء العراقي الى تركيا قد وضعت في جدول اعمالها هذه المسألة وكلنا أمل في أن تساهم تركيا في استقرار وأمن المنطقة وعدم الاستئثار بالماء على حساب الشعوب المجاورة لها، فالكل يسعى لاستخدام التطور الصناعي والتكنولوجي لخدمة بلاده والعراق لا شك يتطلع الى ان يستفيد من هذه الثروة في بناء مؤسساته الخدمية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك