طالب مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري المنظمة الدولية بتحمل مسؤولياتها والتعامل مع استمرار “إسرائيل” في احتلالها للجولان السوري منذ العام 1967 فارضة على المواطنين السوريين الرازحين تحت هذا الاحتلال واقعا مريرا لا يمكن السكوت عنه.
وقال الجعفري في كلمة له أمس خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الحالة في الشرق الأوسط “إن على الأمم المتحدة التعامل مع هذا الواقع في الجولان السوري المحتل بما يستحق من جدية واهتمام تنفيذا لقراراتها ذات الصلة وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981″.
من غير المقبول استمرار عجز الأمم المتحدة عن إلزام إسرائيل بتنفيذ قراراتها وخاصة إنهاء الاحتلال
وأضاف الجعفري “إن من غير المقبول استمرار عجز الأمم المتحدة عن إلزام إسرائيل بتنفيذ هذه القرارات بما في ذلك القرارات القاضية بوقف الانتهاكات الإسرائيلية المنهجية والجسيمة لحقوق الإنسان ووضع حد لسياسة الاستيطان والإرهاب والقمع والتمييز العنصري والاعتقال التعسفي بحق المواطنين السوريين الرازحين تحت الاحتلال والتضييق عليهم في كل مناحي الحياة وسرقة موارد الجولان الطبيعية بما في ذلك المياه والمشاريع الاستعمارية إزاء النفط والغاز حيث رفعت المحكمة الإسرائيلية العليا مؤخرا حظر التنقيب عن النفط في الجولان السوري المحتل وسمحت بذلك لشركات التنقيب بالبدء في عمليات الحفر في مخالفة صريحة للقانون الدولي”.
إسرائيل حليف لقطعان الإرهاب التكفيري
وتابع الجعفري “في ظل الصمت الدولي إزاء تلك الممارسات الإسرائيلية وصل الأمر بإسرائيل إلى حد التحالف مع قطعان الإرهاب التكفيري التي تنشر الدمار والخراب في سورية وذلك عندما اعتدت الطائرات الحربية الإسرائيلية أكثر من مرة على الأراضي السورية في انتهاك للقانون الدولي واتفاق فض الاشتباك لعام 1974 ما زاد التوتر في المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة ويهدد بعواقب واسعة النطاق”.
وأشار الجعفري إلى أن المثير للغضب هو عدم سماع أي إدانة لكل الأعمال العدوانية الإسرائيلية من مجلس الأمن ولا من إدارة عمليات حفظ السلام ولا حتى من الناطق الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة.
وأوضح الجعفري أن “إسرائيل” أضافت خلال الأزمة الحالية في سورية فصلا جديدا إلى سجل انتهاكاتها وهو دعم الإرهابيين في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل بما في ذلك عبر علاج مصابي هؤلاء الإرهابيين في المشافي الإسرائيلية في انتهاك لاتفاق فصل القوات لعام 1974 وبشكل عرض حياة قوات الاندوف للخطر وهذا ما أثبتته تقارير الأمين العام الأخيرة وكذلك تقارير إعلامية إسرائيلية.
وقال الجعفري “إن هذا الدعم أدى إلى ازدياد حرية حركة المجموعات الإرهابية بما في ذلك تنظيم جبهة النصرة المرتبط بالقاعدة في منطقة الفصل وقيام هذه المجموعات بشكل مستمر بخطف حفظة سلام تابعين للاندوف ولذلك لا بد من التعامل مع هذا الواقع الخطر بما يستحقه من جدية واهتمام ودون أي إبطاء وذلك بعد تجاهل غير مبرر من قبل المعنيين في إدارة عمليات حفظ السلام لكل التحذيرات والمعلومات التي نقلناها إليهم على مدار السنوات السابقة وحتى الآن”.
ولفت الجعفري إلى أن عدم رده على ما ورد من ادعاءات تضليلية بحق سورية في بيانات وفود الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والاتحاد الأوروبي وعدم تطرقه في بيان اليوم إلى تورط بعض الدول العربية والإقليمية والدولية والمعروفة في التعامل مع الإرهابيين في منطقة الفصل يأتي بهدف الحفاظ على جوهر البند محل النقاش والمخصص أساسا للصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية.
بيانات وفود بعض الدول تهدف إلى حرف الانتباه عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي
وشدد مندوب سورية على أن هذه البيانات تهدف فقط إلى حرف الانتباه عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتخفيف الضغط الدولي عنه علما بأن هذه الدول لا تحترم أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب ولا سيما القرارين 2170 و 2178 اللذين لم يجف حبرهما بعد.
وأكد الجعفري أنه ورغم الظروف الصعبة التي تمر بها سورية فإن الجولان كان وسيبقى أرضا سورية نناضل من أجل استعادتها الكاملة حتى حدود الرابع من حزيران لعام 1967 شاءت “إسرائيل” أم أبت وهذا الحق لا يخضع للتفاوض والمساومة ولا يسقط بالتقادم ولا بالاستيطان ولن تغير فيه الإجراءات الإسرائيلية شيئا بما في ذلك ما يسمى قرار ضم الجولان وهو في حقيقة الأمر جريمة ضم الجولان فهي إجراءات لاغية وباطلة وليس لها أي أثر قانوني وذلك وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 وما نؤكده حول حتمية انسحاب إسرائيل من الأراضي السورية المحتلة ينطبق على الأرض الفلسطينية المحتلة وما تبقى من أراض محتلة في جنوب لبنان.
الأمم المتحدة تتحمل مسولية تاريخية وقانونية تجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
وبين الجعفري أن الأمم المتحدة تتحمل مسولية تاريخية وقانونية تجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على كامل ترابها الوطني وذلك استنادا للقرار رقم 181 لعام 1947 القاضي بتقسيم فلسطين والقرار 273 لعام 1949 والذي حدد شروط قبول عضوية “إسرائيل” في الأمم المتحدة بأن تلتزم بالقرار 181 القاضي بإنشاء الدولة الفلسطينية وأن تلتزم بأحكام القرار 194 لعام 1948 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
وأضاف الجعفري “إن ما حدث كان العكس تماما حيث نفذت الأمم المتحدة نصف قرارها رقم 181 وتخلت تماما عن تنفيذ قرارها 194 ومن جهة أخرى شنت “إسرائيل” العدوان تلو الآخر ضد شعوب ودول المنطقة بدعم عسكري وسياسي واقتصادي غير مسبوق من حماتها ورعاتها بما في ذلك تزويدها بمختلف أنواع الأسلحة ومساعدتها في الحصول على التكنولوجيا وأسلحة نووية منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي وتزويدها بغواصات قادرة على حمل صواريخ ذات رؤوس نووية”.
وأشار الجعفري إلى أن “إسرائيل” اتبعت بعد إنشائها وتسليحها كما ونوعا سياسة توسعية وتطهيرا عرقيا أفضت إلى احتلالها عام 1967 لأراض في عدد من الدول العربية كما اقترفت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة باعتراف المؤرخين الإسرائيليين الجدد أنفسهم انتهاكات ممنهجة وموثقة للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الإنسان وصلت إلى درجة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقال الجعفري “إن النشاطات الاستيطانية تشكل أولوية قصوى في سياسات جميع الحكومات الإسرائيلية رغم أن هذه النشاطات تقوض باعتراف الجميع بما في ذلك مزودي إسرائيل بأكسير الحياة والبقاء أي فرصة لإنشاء دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا وقابلة للحياة وتقوض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”.
ولفت الجعفري إلى أن “إسرائيل” لم تكتف بذلك بل فرضت قوانين عنصرية ودنست مقدسات إسلامية ومسيحية وطردت السكان الفلسطينيين من بيوتهم وأحلت محلهم شتاتا من المستوطنين القادمين من أصقاع الدنيا وقامت بحملات اعتقال تعسفي وتعذيب غير إنساني بما في ذلك بحق الأطفال والنساء وقادة الشعب الفلسطيني المنتخبين ديمقراطيا.
وأضاف مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة “رغم كل ذلك ما زال هناك في مجلس الأمن من ينكر على الفلسطينيين حتى المطالبة بأبسط حقوقهم الأساسية بما في ذلك إقامة دولتهم المنشودة فوق ترابهم الوطني وتحديد تاريخ لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بل ويستمر هذا البعض في حماية إسرائيل من المساءلة جراء سياستها الظالمة وغير القانونية والعدوانية”.
18/5/150116
https://telegram.me/buratha