بعد الهجمات التي استهدفت مواقع دينية إسلامية في فرنسا، والمسيرات التي نظمتها حركة “بيغيدا” المعادية للإسلام في ألمانيا والنمسا، يواجه مسلمو السويد بدورهم موجة من التهديدات من قبل أنصار “الحزب الديمقراطي” السويدي المتطرف.
و في خطوة اعتبرت موجهة ضد حرية المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية، صوتت سلطات شمال إيطاليا هذا الأسبوع على قرار يمنع بناء المساجد في مقاطعة لومبارديا، التي تعد أكبر الأقاليم الإيطالية وأكثرها ثراء شمال البلاد. قرار رغم “خطورته” وتمييزه بين الديانات السماوية، إلا أنه لم يحدث ضجة في الطبقة السياسية.
رغم أن السويد تعتبر من بين البلدان الأكثر انفتاحا في العالم، ولديها تقاليد قديمة في استقبال اللاجئين والمهاجرين، إلا أن هذا لم يمنع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أن يدق ناقوس الخطر ويعبر عن مخاوفه إزاء ارتفاع حدة الهجمات التي باتت تستهدف الإسلام ومسلمي هذا البلد.
وحاول تقرير معاينة معاناة المسلمين هناك عن قرب في مدينة “إسلوف” بجنوب السويد حيث شهد مسجد هذه المدينة هجوما نفذه مجهولين، ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه.
وقال سمير موريتش إمام المسجد: “شخص مجهول قام بكسر نافذة المسجد وألقى مادة تشبه الغاز وأضرم النار داخل القاعة”. وأضاف: “لقد بقيت حائرا وتساءلت من بإمكانه أن يقوم بهذا الفعل. وهو السؤال الذي يطرحه جميع المسلمون هنا”.
وأورد الإمام: “لقد جئنا إلى السويد لكي نعيش في أمان وسلام. وكل ما يمكن أن نفعله نحن كمسلمون، أن نشرح للسويديين أن الإسلام هو دين التسامح والمحبة، ولا علاقة له بالعنف”، وأضاف: “السويد وطننا. بلداننا الأصلية هي تلك التي ولدنا فيها وليست البلدان التي هجرها آباؤنا”، مؤكدا أنه في صدد إنشاء موقع إلكتروني لمكافحة أفكار ارهابيي تنظيم داعش.
هذا، ورغم قلة عددهم، إلا أن متطرفي “الحزب الديمقراطي” السويدي المعزول عن الساحة السياسية في البلاد، أصبحوا ينظمون وقفات احتجاجية متكررة للمطالبة بعدم بناء المساجد بحجة أنهم لا يريدون سماع صوت الآذان يعلو في السماء ويضغطون على الحكومة لتغيير السياسة التي تعتمدها في موضوعي الهجرة واللجوء السياسي.
ويرى الباحث السياسي السويدي ماغنوس رانستروب أن ارتفاع حدة “الإسلاموفوبيا” في السويد يأتي في وقت أصبحت فيه الحكومة عاجزة عن مواجهة الكم الهائل من المهاجرين واللاجئين الذين يصلون إلى البلاد، ويتزامن أيضا مع ظهور عدة جماعات متطرفة وعنصرية عنيفة تنشط على الأرض في العديد من مدن البلاد.
وأمام تزايد الشعور بـ”الإسلاموفوبيا” في السويد، خرج مئات من السويديين المناهضين للأفكار والأحزاب المتطرفة والعنصرية إلى الشارع للدفاع “عن نموذج العيش السويدي المبني على الاحترام والتسامح”.
وشاركت في هذه المسيرة هيلي لارسون، وهي نائب في البرلمان باسم الحزب الاجتماعي الديمقراطي السويدي، والتي تعتقد أن الهجرة ليس مشكلة بالنسبة للسويد. والدليل حسب ما قالته لفرانس 24، أن بلادها استقبلت أكثر من 100 ألف لاجئ خلال حرب يوغوسلافيا سابقا، لكنهم اندمجوا دون مشاكل كبيرة في المجتمع السويدي. وقالت: “طبعا في البداية كانت هناك بعض العراقيل، لكن مع مرور الوقت، استفدنا من الهجرة”.
ولا يتقاسم فردريك هوسن، نائب في بلدية إسلوف باسم الحزب الديمقراطي السويدي المتطرف، رأي النائب السويدية. على العكس، يرى أن الهجرة مشكلة كبيرة بالنسبة لبلاده.
وقال بحسب تقرير لفرانس بريس.. “لقد فقدنا بلدنا. أنظروا إلى كل المدن السويدية الكبرى. فلم يعد هناك شعبا موحدا، بل أصبحت هذه المدن منقسمة إلى أقليات”.
من جهتها، أضافت زميلته مارلين جانسون، أن المشكلة الكبيرة تكمن في عدم قدرة المهاجرين على الاندماج في المجتمع السويدي، أو تعلم اللغة السويدية، إضافة إلى البطالة المتنامية في أوساطهم. كل هذا يجعل عملية الاندماج صعبة حسب تعبيرها.
إلى ذلك، دعا إمام مسجد إسلوف، سمير موريتش، الحكومة السويدية إلى مساندة المسلمين، وحمايتهم من التهديدات التي يواجهونها، وتقديم المساعدة المالية لهم لنشر فكرة التسامح والوعي الديني بين أوساط المسلمين، ومواجهة الأفكار الدينية المتطرفة التي يسوقها تنظيم “الدولة الإسلامية” وجماعات جهادية أخرى.