نشرت المكتبة العامة البريطانية على مدونتها رسالة تعود إلى العام 1917 تلقاها سفير بريطانيا في فرنسا من الدكتور اليهودي روسي الأصل “أم أل روثنشتاين” يطلب فيها مساعدة الحكومة البريطانية في تأسيس دولة يهودية. وإذا كانت هذه الرسالة لا تختلف كثيراً عن رسائل غيرها أرسلها يهود نافذون إلى بريطانيا انتهت بـ”وعد بلفور” في العام نفسه، فإن ما يلفت الانتباه فيها هو المكان الذي اختارته ليكون وطناً مستقبلياً ليهود العالم.
كان روثنشتاين قد اقترح على السفير اللورد فرنسيس بيرتي في شهر أيلول-سبتمبر من ذلك العام أن ترسل حكومته قواتٍ عسكرية لاحتلال واحة الإحساء، الواقعة اليوم في شرق المملكة العربية السعودية، مضيفاً استعداده جمع “جيش يهودي من 120 ألف جندي خلال فصل الربيع يؤلفون قوة مقاتلة إلى جانب الإنجليز من أجل غزو المنطقة وإقامة الدولة اليهودية فيها”.
ووضع روثنشتاين خطة كاملة تقضي بإرسال المملكة المتحدة 30 ألف جندي لغزو البحرين أولاً ومنها ينطلقون إلى الإحساء، التي كانت آنذاك خاضعة للسيطرة العثمانية، متوقعاً أن ترد تركيا بإعلان الحرب ومؤكداً في الوقت نفسه أن “القوات اليهودية ستخوض المواجهة العسكرية وتنتصر”.
ورغم إقرار روثنشتاين في مكان من رسالته بأن الخطة تبدو “خيالية” للوهلة الأولى، واستدراكه بأنها ستصبح واقعية بمجرد وصول أول دفعة من المقاتلين المكونة من ألف رجل، إلا أن من الواضح افتقاد ما يقوله للدقة التاريخية. فمنطقة الإحساء كانت، في فترة كتابة الرسالة، قد انتقلت من حكم الأتراك إلى حكم أسرة آل سعود وقد أقرت بريطانيا ذلك من خلال اتفاقية مع السعوديين.
وعلى كل الأحوال، فقد رفض وزير الخارجية البريطانية، آرثر بلفور، خطة روثنشتاين، في رسالة بعثها إلى السفير بيرتي في 3 تشرين الأول-أكتوبر 1917.
وبحسب ما كتب دانيال لوي، المتخصص في اللغة العربية وتاريخ الخليج، على الموقع الخاص بمدونة المكتبة البريطانية، فإنه ما من وثائق كافية تؤكد هوية روثنشتاين أو دوره التاريخي، ولكن الأدلة لا تشير إلى أنه كان يعمل ضمن حركة منظمة، خاصة هناك مقترحات أخرى قدمت لإقامة وطن لليهود في مناطق حول العالم، بينها أوغندا والأرجنتين وروسيا وقبرص.
يشار إلى أنه بعد شهر على رفض لندن لمشروع روثنشتاين، قام بلفور شخصياً بإصدار وعده الشهير الذي تعهد عبره بإقامة دولة إسرائيل.