أحمد حافظ
القرار يثير انقسامات داخل رموز السلفيةعادت قضية ارتداء النقاب من جديد إلى واجهة الأحداث في مصر، بعد قرار جابر نصار رئيس جامعة القاهرة قبل أيام منع أساتذة الجامعة من ارتدائه داخل قاعات المحاضرات.
وأثار القرار جدلا واسعا بين المؤيدين والمعارضين، وصل إلى ساحات المحاكم، حيث أقدمت أستاذة مساعدة بكلية الصيدلة، على إقامة دعوى بطلان للقرار، عقب منعها من دخول قاعات الكلية بالنقاب.
واستندت الدعوى إلى حكم قضائي أصدرته دائرة توحيد المبادئ بمجلس الدولة في وقت سابق، قضى بعدم أحقية أي جهة حكومية في منع ارتداء النقاب، لأنه “ملبس إسلامي غير مخالف لمواد القانون والنظام العام للدولة”.
غير أن شوقي السيد أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، قال لـ”العرب” إن القرار ليست به عيوب دستورية طالما أن الهدف منه المنفعة العامة، وليس تحقيق مصلحة شخصية، خاصة وأن قرار الجامعة يستهدف الحفاظ على العملية التعليمية، وتحقيق خدمة لعموم الطلاب، بالتالي لا يستهدف امرأة بعينها بل يسري على الجميع.
وكانت جامعة القاهرة نفسها قد أصدرت في نوفمبر عام 2010 قرارا بمنع دخول المنقبات وأعضاء هيئات التدريس إلى حرم الجامعة أو إلى قاعات المحاضرات أو الامتحانات أو الإقامة بالمدن الجامعية، ما أثار موجة من الانتقادات والدعاوى القضائية، قبل أن تندلع ثورة يناير ليتم تجميد القرار حتى أعاده رئيس الجامعة الحالي.
ودافع جابر نصار رئيس جامعة القاهرة عن قراره في تصريحات خاصة لـ”العرب” مؤكدا أنه لا يخالف الدين، خاصة أنه لم يمنع ارتداء النقاب في الجامعة بشكل عام، إنما اقتصر على أماكن المحاضرات فقط لصالح العملية التعليمية، ما يعني أنه مرتبط بمكان وزمان.
واستند نصار في قراره بحسب ما كشف لـ”العرب”، إلى شكاوى تقدم بها عدد من طلاب الجامعة، بوجود صعوبة في التواصل بينهم وبين المنقبات من الأساتذة، خاصة في مواد اللغات، لأن نطق الكلمات يحتاج رؤية جيدة من الطالب لأستاذته، خاصة أن هناك بعض المواد يحتاج إلى تواصل مباشر بين الطالب والأستاذ أثناء المحاضرة، ولا يصح أن يكون ذلك التواصل من وراء ستار ممثل في النقاب، وختم تصريحاته بالتأكيد على أن الجدل المثار حول القرار غير مبرر.
شوقي السيد: قرار المنع ليست به عيوب دستورية
والطريف في الأمر أن القرار أثار أزمة عنيفة داخل تيار الدعوة السلفية وحزب النور الذي يستعد للانتخابات البرلمانية المقرر أن تبدأ جولتها الأولى في 17 أكتوبر الحالي، بسبب انقسام بعض رموز التيار حول تأييده أو رفضه.
فبينما دعا الشيخ عبدالمنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية إلى تأييد قرار الجامعة، الذي وصفه بأنه ينظم العملية التعليمية، قال ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في تصريحات صحفية إن القرار مخالف للدستور والقانون، وهو تمييز ضد فئة معينة من أجل مذهبها الديني.
وتسبب هذا التضارب في انقسام واضح داخل التيار، ودفع قيادات محسوبة على تيار الإسلام السياسي إلى شن هجوم حاد على الدعوة السلفية التي “تساير الموجة” لكسب التأييد لمرشحي حزب النور خلال الانتخابات.
من جهتهم، حاول بعض مرشحي الحزب في الانتخابات، استغلال القضية بشكل فردي لتحقيق مكاسب سياسية، من خلال اللعب على وتر “الخطر على الحريات الدينية”، تحت شعار “صوّت لنا علشان ما يفرضوش خلع النقاب في الشارع”.
ونشر ربيع السلفي، عضو الحزب بالإسكندرية، خبر منع المنقبات من التدريس على صفحته بموقع فيسبوك، وعلق عليه قائلا “حضرتك لسة عاوز تقاطع الانتخابات، وكمان مش عاوز تنزل زوجتك تدلي بصوتها؟ متزعلش لو فرضوا خلع النقاب في الشارع، علشان كده صوتي لحزب النور”، وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي التدوينة على نطاق واسع.
ولم يعمم قرار منع ارتداء النقاب على باقي الجامعات، بحكم الاستقلالية التي تتمتع بها كل جامعة في مصر.
وفي تعليقه على الجدل المثار أبدى الدكتور عبدالفتاح العواري عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، دهشته من تمسك من وصفهم بـ”المتملقين والمتشددين” بفرضية ارتداء النقاب.
وقال لـ”العرب” إنه لا جدال في أن الشريعة الإسلامية لا ترى النقاب فرضا، وإظهار الوجه والكفين ليس عورة، كما يدّعي بعض المنتسبين إلى الفتوى في مصر.
ولم تكن مصر أول دولة عربية تمنع المعلمات من ارتداء النقاب في المؤسسات التعليمية، بل سبقتها تونس في شهر سبتمبر الماضي.
وحسمت دار الإفتاء المصرية الموقف تقريبا، حيث دخلت على خط الجدل بفتوى صدرت يوم السبت 3 أكتوبر الجاري، تؤكد أن ارتداء النقاب ليس فرضا، وأن الزي الشرعي المطلوب من المرأة المسلمة هو الذي لا يصف ولا يشف ويستر الجسم كله ماعدا الوجه والكفين، ولا مانع كذلك أن تلبس المرأة الملابس الملونة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha