لا ادري ان كانت السياسة السعودية الجديدة التي دشنتها الرياض في ظل حكومة الملك سلمان وابنه محمد ، جاءت تنفيذا لاوامر السيد الامريكي ، دون ان تكون للقيادة السعودية حول ولا قوة ، او إنها من بنات افكار الملك وابنه ، فمن الصعب جدا قبول فكرة ان تكون هذه السياسة السعودية الحالية ، هي نتاج سعودي خالص ، فهي تدفع بالسعودية الى حافة الهاوية ، لما تتصف به من تخبط وعدم اتزان.
بالرغم من انه من الصعب ان يقتنع شخص ما ، حتى لو كان صاحب ذكاء في حدوده الدنيا ، بقيام حكومة ما في بلد ما ، بالدفع مع سبق الاصرار ، بالبلد الذي تحكمه الى الانهيار والفوضى والمجهول ، ولكن العارفين بطبيعة العقلية السعودية ، لا يستغربون من وجود هكذا الحكومة في السعودية ، فالسياسة السعودية ليست وحدها هي الشاذة في هذا البلد ، فكل ما في السعودية من نظام حكم ومن نظام ديني ومن سياسة خارجية ، هو شذوذ في شذوذ ، فمن المحال ان تجد على الكرة الارضية قديما وحديثا ، ان يطلق شخص ما اسم جده على بلد كبير ، وهذا البلد لا يوجد في دستور ، ولايحق للمراة فيه من قيادة سيارة ، ويعاقب المدانيين بذبحهم بالسيف في الشوارع والساحات العامة ، والشعب ليس الا رعية للملك وامراء ال سعود ، فمثل هذا البلد ليس سوى السعودية.
الذي زاد الطين السعودي بلة ، وجعل من السعودية “فُرّجة ” للناس ، السياسة الرعناء التي يعتمدها ابن الملك ولي ولي العهد وزير الدفاع الامير محمد ، فهذه السياسة جعلت من السعودية الى موضوع للتندر ، فمنذ نحو عام وهي تقود تحالفا عربيا اسلاميا ، لا يوجد الا في عقل ابن سلمان ، ضد الشعب اليمني ، وبعد كل هذه الفترة الطويلة وبعد كل الفظائع التي ارتكبها في اليمن دون ان يحقق هدفا من اهداف العدوان ، نراه يخرج علينا بتحالف اكبر هذه المرة ، تحت عنوان “التحالف الاسلامي العسكري” المؤلف من 34 بلدا عربيا واسلاميا ، وهدف هذا التحالف هو محاربة الارهاب ، ومقر قيادة هذا التحالف هو الرياض.
الغريب ان ابن سلمان ، لم يخبر اغلب الدول ال33 بتحالفهم مع بلاده ، كما كان حال تحالفه الاول على اليمن ، فقد اعلن لبنان ، على لسان رئيس وزرائه ووزير خارجيته ، انه لا علم له بهذا التحالف ولا يعرف طبيعته ولا اهدافه ، ومثل هذا الكلام قالته باكستان على لسان كبار مسؤوليها ، حتى قال بعضهم انه فوجئ بخبر مشاركة إسلام اباد بالتحالف ، اما إندونيسيا فقد رفضت تقديم أي دعمٍ عسكريّ لـ”التحالف الاسلامي العسكري” ، وقالت وزيرة خارجيتها ان إندونيسيا لن تشارك مطلقاً في أي تحالف عسكري مع دول أخرى ، وفي كل ساعة يزداد عدد الدول الرافضة لهذا التحالف ،والتي ادرجها ابن سعود في قائمة تحالفه دون علمها.
لا ادري لماذا يصر ابن سلمان على اذلال بلاده ووضعها في موضع لا يحسد عليه ، فقد حول السعودية الى “اضحوكة ” بهذه السياسة الصبيانة ، التي تصطنع تحالفات “عسكرية” ضخمة بين دول بالعشرات ، بجرة قلم ، دون ان يكون هناك ادنى تنسيق مع هذه الدول ، التي من المقرر ان ترسل جنودها ومدراعتها ودباباتها وطائراتها الى اماكن تبعد عنها الاف الكيلومترات لخوض الحروب مع الارهاب “الداعشي” و “القاعدي” ، وهذا الارهاب بالمناسبة يحمل عقيدة الوهابية ، وهذه العقيدة هي المذهب الرسمي في السعودية ، لذلك اخشى ان توجه الدول 33 المنضوية في التحالف العسكري ، صواريخها نحو الرياض ، للقضاء على الارهاب الوهابي من جذوره!!.
ابن سعود استشعر مبكرا بغباء اطروحته بشان التحالف العسكري ، لذلك عاد مرة اخرى الى المبدا السعودي القديم القائم على شراء الحلفاء بالمال ، حيث اعلن عن رفع استثمارات السعودية لمصر الى ما يقرب من الثمانية مليار دولار، وتوفير احتياجاتها من النفط لخمس سنوات، ودعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية ، ظنا منه ، انه سيمتلك قرار القاهرة بهذا السخاء الحاتمي ، فاته ان مصر لا يمكن ان تتحول لتابع للسعودية ، والانخراط في مغامراتها الصبيانية ، التي اضرت بالمنطقة وبشعوبها ، فمصر التي لم تنخدع بالاغراءات السعودية عندما شنت عدوانها على اليمن ، سوف لن تنخدع هذه المرة ايضا في الحرب الوهمية السعودية على الارهاب “الوهابي” !!.
رغم اننا نعارض السياسة السعودية ، وكثيرا ما ننتقدها لطائفيتها وضيق افقها وتبعيتها للتحالف الصهيوامريكي ، الا اننا نأسف ان تتحول السعودية ، هذا البلد الاسلامي الكبير ، بسبب سياسة مراهق ، الى “اضحوكة” لدى الراي العام العربي والاسلامي.
بقلم: نبيل لطيف
https://telegram.me/buratha