قرأت لكم :
هذا كتاب مثير للغاية ، إنه كتاب عبد الرحيم قناوي الأخير والصادر عن دار " رهف " للنشر بعنوان "نساء في فراش داعش" يرصد فيه الحركة الداعشية منذ نشأتها بكل ما لديها من معتقدات تدعي أنها تنتمي للاسلام إلا أنها لا تمت إليه بصلة، فقط تستتر تحت عباءته. في مقدمة الكتاب يتكلم قناوي عن الحرية في الاسلام الذي سنَّ حلولا لمشكلة الرق والعبودية التى تتنافي مع تعاليمه السمحة فلا جوارى ولا ملك يمين في الإسلام كما يزعم البعض.
ويُعرف قناوي ماهية تنظيم داعش أنه اختصارللدولة الاسلامية في العراق والشام كما تسمي نفسها وفي الحقيقة ماهي إلا تنظيم مسلح يوصف بالإرهاب ويتبني الفكر السلفي الجهادي ويهدفون الى إعادة الخلافة الإسلامية و كما يوضح قناوى أن داعش ليست فقط تنظيما دينيا متشددا بل إن" داعش " هى الشخصية الباطنة لكل مسلم لم يقرأ ولم ينقد يرضي فقط بالتلقين ويتظاهر بالتدين. ويوحي بذلك أيضا غلاف الكتاب الرائع للفنان أحمد السجيني والذي يلخص الموضوع اجمالا وتفصيلا في نظرة هذا التنظيم للمرأة التي لا يتعاملون إلا مع جسدها فقط دون النظر إلى امكانتها العقلية والروحية.
المرأة وداعش
يؤكد قناوي أنه زج بالمرأة في التنظيمات المسلحة بعد أن كانت الفتاوى تحرم انخراطها بالعمل..وتعتبر فتوى جهاد النكاح النتيجة الحتمية للتفكير السلفي المشوه للمرأة باعتبارها أداة للمتعة ولذة للرجل وبناءًا عليه يتم غسل أدمغة الفتيات والتأثير عليهن بأساليب تجعلهن ضعيفات ومستسلمات لتنفيذ ما يأمرن به وهذا أسلوب تنظيم القاعدة الذي جند الانتحاريات في العراق مستغلا ظروفهن الحياتية وأغلبهن ينحدرن من عائلات تورطت في القتال مع المجاميع الإرهابية.
وتحولت المرأة معهم من كائن رقيق إلى مقاتل وارهابي مع وعدها بالجنة أو بحثا عن الجنس تحت غطاء الدين.كما تعرضت النساء أيضا للاغتصاب والخطف على يد التنظيم فالعنف ضد المرأة لم يكن عشوائيا فتنظيم داعش يوظفها كأداة للحرب النفسية لأن الاغتصاب هو السلاح الأكثر شيوعا لترويع النساء والمؤسف أنه لا توجد احصائية بعدد تلك النساء اللاتي تعرضن لمثل تلك الجرائم.
إلا أنه أيضا ظهر في نفس التنظيم عددا من النساء اشتهرن بجرائمهن الوحشية ساعيات الى الخلافة الاسلامية.
أسباب كثيرة تدفع النساء للانضمام الى داعش قد يكون الجزء الأكبر منهن من زوجات المجاهدين يتحولن إلي مجاهدات بعد موت أزواجهن في العمليات الانتحارية أو القتالية..وتشير التقارير الاعلامية إلى أن فكرة تحول النساء إلى متطرفات عنيفات يرجع لأسباب عديدة منها الخوف من الاغتصاب والخوف على سلامتهن والبقاء على قيد الحياة.
كما عرض الكاتب لنا نماذج لبعض النساء المجاهدات في التنظيم اشتهرن بجرائمهن الوحشية والعنف منهن : المقاتلة المغربية" وفاء آيت فرجي" ، ويسرا حسين المراهقة السورية ، و" سجى حميد الدليمي" احدى زوجات أبو بكر البغدادي رئيس التنظيم ، و" أم المقداد " امرأة سعودية تشغل منصب أميرة النساء في داعش وهى ليست الوحيدة التي تقوم باقناع النساء بتقديم أنفسهن كجوار ينكحهن الدواعش بغرض الجهاد.
كما يستخدم داعش أيضا النساء في تصفية الخصوم ويتم تجنيد بعضهن لجمع المعلومات عن خصوم ومعارضي داعش الذين يصعب ايقاعهم بالطرق بالتقليدية.
الانشقاق عن داعش
القليل من النساء استطعن الهرب والانشقاق عن داعش بعدما تيقن أن ما يقوم به الدواعش يتنافي مع الدين ،، وكما قالت مصادر بريطانية أن 10% من النساء والفتيات اللائي يقمن روابط مع الجماعات المتطرفة من أوربا وأمريكا الشمالية وأستراليا ولفرنسا العدد الأكبر من المجندات إذ يبلغ عدد الفرنسيات نحو 25% من مجموع النساء الغربيات اللاتي انضممن إلى داعش.
ويوضح قناوي أن العنف الممارس ضد النساء في شكل خاص ليس اعتباطيا فهو سلاح يتعمده " داعش" لترويع العراقيات بهدف إجبارهن على التزام " الأحكام الشرعية" التي يفرضهاتقييدا لحريتهن وإسكاتهن وأيضا لخشيته من توسع دائرة النساء المعترضات على قوانينه.
المؤلم أيضا أن داعش أسسس سوق جواري للاتجار في نساء وأطفال المسيحيين والأيزيديين الذين تم خطفهم وفرض القوانيين على النساء بالالتزام ببيوتهن ووضع الخمار وعدم الخروج من المنازل وإلا يتم اغتصابهن واعتقال أزواجهن ومن ثم يتم تصفية المعتقلين بعد ذلك. ولا زالت سجون النساء لديهم أمرا محيرا ولغزا. فالشرطة النسائية التى تتولى حراسة سجون النساء يصفن السجينات بالكافرات اللاتي لابد أن يطبق عليهن الحد.
نساء كالرجال
كما يوضح قناوي في كتابه صورة أخرى للنساء تتمثل في " نساء البشمركة" كابوس داعش الحقيقي حيث تواصل مقاتلات البشمركة ( الكردية) في إقليم شمال العراق تدريباتهن استعدادا لمواجهة عناصر تنظيم داعش بعد مشاركتهن في الاشتباكات ضد التنظيم في مدينة " كركوك" وتشمل تدريبات تلك النساءالتقدم في الأراضي الوعرة ونصب الكمائن واستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة كالقاذفات الصاروخية والبنادق والرشاشات وتأسست الوحدة الخاصة المكونة منهن في 11نوفمبر 1996 بطلب من الرئيس العراقي جلال طالباني وكان عدد المقاتلات وقتها 16 مقاتلة وظللن في ازدياد حتى الآن.
وهناك كتيبة نسائية أيضا من حزب العمال الكردستاني تحارب تنظيم داعش ببسالة وشجاعة حملن السلاح في سن ال14 عاما لا يهبن الموت ويقضين لياليهن في أرض المعركة بالغناء بينما يهابهن الدواعش بحسب تصريح صحفي لاحداهن.
ويتنبأ الكتاب بأن النساء سيقدن العالم ضد داعش من أجل الدفاع عن الأوطان والعروبة لأنهن قادرات على ذلك كما تصفهن صحيفة " دايلي ميل البريطانية.
وكتاب قناوي يكشف العديد من الأسرار عن حياة الدواعش ومنهجهم الذي لا علاقة له بالدين الاسلامي.
الكتاب يستحق القراءة وإن كان الكاتب الصحفي عبد الرحيم قناوي أختار لكتابه زاوية خاصة للطرح وهي" النساء" تحت عنوان كان موفقا في اختياره " نساء في فراش داعش " إلا أنه رصد الكثير من الظواهر الحياتية لهم وإن كانت ظاهرة الدواعش تستحق الطرح من زوايا أخرى عديدة ومناهج مختلفة إن كنا نرغب في محاربة تلك الآفة الكبرى.
https://telegram.me/buratha