أسفرت حملة أمنية في المنطقة الشرقية بالسعودية ذات الغالبية الشيعية من السكان عن هدم عشرات المباني في بلدة العوامية وهروب آلاف السكان.
وتقول السلطات السعودية ان حملتها لملاحقة مسلحين يستهدفون رجال الأمن والشرطة في البلدة الصغيرة التي يسكنها نحو 30 ألف شخص.
وكان صحفيون في جولة نظمتها الحكومة بالبلدة أمس الأربعاء هم أول شهود من الخارج على ما خلفته المعارك النادرة في المملكة أكبر مصدر للنفط في العالم.
ورافق الصحفيون القوات الخاصة في مركبات مدرعة وشاهدوا الشوارع في الحي القديم بالعوامية وقد تحول إلى ساحة حرب في مشهد بعيد كل البعد عن مشاهد المدن المتألقة في الخليج الغني بالطاقة.
ولم تقع اشتباكات خلال الجولة لكن بعض السكان أفادوا بوقوع انفجار وإطلاق نار بعدها بوقت قصير.
وظهرت هياكل السيارات المدمرة وقد علاها الصدأ على مقربة من المنازل المهجورة التي امتلأت جدرانها بالفتحات والثقوب الناجمة عن القذائف والرصاص.
وعلقت صور "الشهداء"، الذي بدا أحدهم في السادسة عشرة من العمر، على أعمدة الإنارة وجدران المباني التي نجت من الهدم.
وأحتدم القتال هذا الشهر عندما انضمت قوات خاصة للعملية التي بدأتها السلطات في أيار لهدم الحي القديم المعروف باسم المسورة.
ولم تنشر أرقام الخسائر لكن مندوبا من وزارة الداخلية قال إن ثمانية من فرقة الرد السريع في الشرطة وأربعة من جنود القوات الخاصة قتلوا منذ بدء الحملة الأخيرة، ويقول سكان إن تسعة مدنيين قتلوا في أعمال عنف في الأسبوع الأخير.
ويقدر سكان أن زهاء 20 ألف شخص لاذوا بالفرار أو جرى إجلائهم إلى بلدات وقرى أكثر أمنا بمناطق مجاورة.
وقال نشطاء إن خمسة من المقاتلين و23 مدنيا استشهدوا في الاشتباكات، وتوفي طفل يبلغ من العمر ثلاثة أعوام يوم الأربعاء أصابته رصاصة أطلقتها مركبة وهو داخل سيارة أسرته في العوامية في حزيران.
وقال مندوب وزارة الداخلية إن الحي القديم بات خاويا إلا من "الإرهابيين" منذ الأشهر الستة الأخيرة لكن قوات الأمن اضطرت للانتظار حتى تغادر الأسر المناطق المجاورة قبل أن تبدأ توغلها النهائي.
وتقول السلطات إنها ستبني بدلا من المسورة حيا راقيا يتضمن مراكز تسوق ومباني إدارية ومساحات خضراء ونافورات مياه.
وقال عصام عبد اللطيف الملا وكيل أمين المنطقة الشرقية للتعمير والمشاريع "تم إعلام جميع من في المنطقة أنه ستجرى مراحل تطويرية لعدة مناطق في القطيف بدءا بحي المسورة في وسط العوامية وهو المرحلة الأولى".
ونفى المسؤول السعودي مخاوف أثارها خبراء في الأمم المتحدة في نيسان بأن هدم الحي الذي يعود إلى 400 عام يهدد التراث الثقافي للعوامية وقال إن غالبية السكان قبلوا المشروع" حسب زعمه.
وقال "بالطبع لن يحظى بموافقة الجميع ولكن أغلب من في القطيف وسكان العوامية يرغبون في أن يرون حيهم مطورا يجذب سواء السكان أو القادمين من خارج المنطقة".
وأضاف الملا أن السلطات عوضت السكان الذين اضطروا للمغادرة بأكثر من 800 مليون ريال [200 مليون دولار] وإنها هدمت نحو 80 من 488 منزلا في المسورة.
وأظهرت لقطات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء جنود قوات الأمن وهم يحتفلون بما حققوه من تقدم.
لكن المعركة ربما لا تكون انتهت وقد تؤجج الحملة الشعور بالاستياء بين الشيعة الذين يشتكون من التمييز وهي اتهامات تنفيها سلطات المملكة.
ولا تزال صور لرجل الدين الشيعي نمر النمر، الذي فجر إعدامه العام الماضي موجة احتجاجات أدت لقطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، معلقة في أنحاء البلدة.
وتواصل عشر جرافات العمل بحماس لهدم مزيد من المباني وجمع الأنقاض التي خلفتها الاشتباكات وظل الجنود الذين يقودونها يرتدون الخوذات والسترات الواقية.
https://telegram.me/buratha