كشفت صحيفة "غارديان" البريطانية، عن أساليب "وحشية" استخدمتها المخابرات الأمريكية في سجن سري بأفغانستان يعرف بين معتقليه باسم "الظلام".
وتقول الصحيفة البريطانية في تقريرها، إن عشرين زنزانة خرسانية معزولة دون أي تدفئة وإضاءة، كانت 16 منها مزودة بطوق حديدي في الجدار لتوثيق السجناء، بينما اُستخدمت أربع أخرى لـ"استجوابات خاصة"، حيث كان النزلاء معلقين بالسقف لمنعهم من النوم... هذا والموسيقى المصمّة للآذان تدوي 24 ساعة في اليوم.
"كانت الأجواء هناك جيدة، كريهة لكنها آمنة"، هذا ما قاله في كانون الثاني 2003 جون بروس جيسين، عالم النفس المتعاقد مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وذلك خلال التحقيق في مصرع أحد السجناء، غول رحمن، أثناء استجوابه في ذلك السجن.
وأوضح تقرير الصحيفة أن جيسين وزميله جيمس ميتشل كانا مسؤولين عن وضع "أساليب الاستجواب الموسعة"، وأمضى لذلك 10 أيام في تشرين الثاني 2002 في معتقل "كوبالت" المعروف بـ"الظلام" والذي أقيم في أيلول العام نفسه.
وطفت هذه الفضيحة إلى السطح، إذ قدمت عائلة الضحية ومعتقلان سابقان في السجن، محمد بن سعود وسليمان بن عبد الله سليم، شكوى قضائية ضد عالمي النفس الأمريكيين، غير أن هذه القضية تمت تسويتها بالتراضي، مما أتاح لجيسين وميتشل التملص من المسؤولية، غير أن 274 وثيقة أُجبِر البنتاغون وCIA على رفع السرية عنها في إطار التحقيقات، تسلط الضوء على الأساليب المروعة التي استخدمت في ذلك السجن.
وأشارت الـ"غارديان" إلى أن أحد أكثر هذه الوثائق تأثيرا هو تقرير من 32 صفحة أعده محققون في وكالة المخابرات لنائب مدير الوكالة جيمس بافيت، ويضم العديد من التفاصيل المرعبة حول ملابسات مصرع المعتقل.
وبينت الوثيقة أن غول رحمن المتهم بالتواطؤ مع تنظيم "القاعدة" والذي استجوب ست مرات خلال أسبوعين من قبل جيسين، لقي مصرعه بسبب البرد القارس في السجن.
وذكر التقرير أن جينسين أقنع ضابطا كان يدير السجن بأن شكاوى رحمن على سوء المعاملة والبرد هي مجرد خدع يستخدمها عناصر "القاعدة".
وأفادت الصحيفة بأن الرجل كان يعاني من البرد القاسي طوال أسبوعين على الأقل قبل مصرعه.
إلى ذلك، كشف التقرير أنه لم يسمح للمعتقلين بارتداء أي ملابس في "زنزانة الاستجواب الخاص" سوى الجوارب والحفاضة، لعدم السماح لهم بالذهاب إلى المستراح، وأثبت ذلك مسؤول رفيع المستوى في CIA زار المعتقل فور مصرع الضحية.
وأكد التقرير أن جيسين كان يتابع ويسجل معاناة المعتقل بدم بارد في مذكراته، وحتى أمر بسكب الماء البارد عليه من أجل إطلاق لسانه.
وقال جيسين لمدير "الظلام" أثناء مغادرته السجن، إن هذه الجهود لا تكفي لـ"كسر مقاومة" رحمن، مرجحا أن عدة أشهر سيتطلبها إجبار الرجل على "التعاون"، غير أن الأخير فارق الحياة بعد خمسة أيام فقط.
وأكد المعتقلان السابقان اللذان قدما الشكوى ضد عاملي النفس الأمريكيين أن الأوضاع في السجن لم تتغير كثيرا بعد الحادث المرعب، إلا بظهور عشرة أجهزة تدفئة، غير أن الأساليب الوحشية ما زالت تستخدم في الاستجواب.
وأشارت الـ"غارديان" إلى أن جيسين وميتشل يتحملان المسؤولية المباشرة عما جرى في "الظلام"، وهما أصدرا في عام 2002 تقريرا يحمل تسمية "الإجراءات ضد مقاومة عناصر القاعدة لأساليب الاستجواب"، وكانا يستخدمان سجن "كوبالت" كمختبر لتطبيق هذه المبادئ على الأرض.
https://telegram.me/buratha