أصبحت تحركاته مصدر قلقٍ للمجتمع الدبلوماسي الدولي، وقد أصبحت هذه التحركات غير المتوقعة والمتهورة أسلوباً دبلوماسياً لولي العهد بن سلمان، وحسب تقرير لمجلة Time الأميركية، فإن محمد بن سلمان يدفع سياسته الخارجية إلى أقصى الحدود، بدءاً من الاختطاف المزعوم لرئيس الوزراء اللبناني لإجباره على التنصل من نفوذ حزب الله وإيران في السياسة اللبنانية، إلى قطع جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع جارته قطر، الدولة العضوة بمجلس التعاون الخليجي، وحتى الحرب ضد الحوثيين في اليمن.
ويبدو أن الوقت قد حان الآن للهجوم على الحكومات الغربية التي تجرؤ على انتقاد سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان،
تقول المجلة الأميركية أن "الدول التي تتحدث علانية ستخسر مليارات الدولارات من الصفقات التجارية المربحة. وكذا، كانت السعودية، مستعدة لقطع علاقاتها مع كندا، لتحقيق هدفها الأوسع، بإعلام العالم أن السعودية الجديدة جادة بشأن رفض الانتقاد والتدخل غير المرغوب في شؤونها الداخلية، ففي نهاية المطاف، الروابط الاقتصادية الثنائية أمر هامشي عندما يتعلق الأمر بالصورة الكلية. الأمر المهم للرياض أن تسمع الرسالة بشكل واضح في كل العالم.
وقد شعرت كل من السويد عام 2015، وألمانيا عام 2017 بغضب سعودي مشابه عندما انتقدتا وضع حقوق الإنسان في المملكة. فاستدعت المملكة سفيريها لدى البلدين الأوروبيين بشكل مؤقت، وعلقت بعض الصفقات التجارية، لكن ولي العهد يأخذ خلافه الدبلوماسي مع كندا إلى مستوى مختلف للغاية، طرد السفير الكندي، وإيقاف صفقات تجارية واستثمارية جديدة، وتعليق رحلات طيران الخطوط الجوية السعودية إلى كندا، والتخلي عن الحيازات الحكومية لجميع الأصول والسندات الكندية في محفظتها المالية، وإرجاع المرضى السعوديين من المستشفيات الكندية، وإخبار نحو 15 ألف طالب سعودي بكندا، يدرسون في منح مدعومة من الحكومة، بإيجاد ترتيبات بديلة في الخارج، واستدعاء 800 طبيب سعودي يتدربون في مجال الرعاية الصحية الكندية للعودة إلى ديارهم. وكل هذا في أقل من أسبوع، منذ أن كتبت وزارة الخارجية الكندية تغريدة تنتقد فيها سجلَّ السعودية في حقوق الإنسان.
لكن البلد الذي تتشارك كندا معه أطول حدود غير محمية في العالم، الولايات المتحدة الأميركية، صامته. ويعد غياب الدعم الدبلوماسي لكندا من حلفائها التقليديين أمراً مثيراً للدهشة، إذ كانت كندا، في أي وقت آخر بالتاريخ، تتوقع دفاع الولايات المتحدة عن كندا وعن قيم الديمقراطية الليبرالية، التي من المفترض أن البلدين يتشاركانها، لكن في ظل إدارة ترمب، فإن الولايات المتحدة ليست هي الولايات المتحدة المعتادة، فترمب هو الآخر ليس من المعجبين برئيس وزراء كندا جاستن ترودو، الذي وصفه على تويتر بالـضعيف، ومن المحتمل أنه غير معجب بالسياسة الخارجية النسوية التي يقول ترودو إنه ينتهجها. لا نعرف إذا ما كانت الرياض قد أوضحت هذه الخطوة الدبلوماسية مع واشنطن قبل طرد السفير الكندي، لكن الصمت المطبق من جانب البيت الأبيض حول الأمر يُوضح أن ترمب لا يبالي بعلاقة ثنائية تقليدية مع كندا، بل ربما يكون ترمب مستمتعا بفكرة تعرض ترودو للضربات من جانب السعودية.
لم يصبح ولي العهد الشاب ملكا بعد، لكن قطر واليمن والآن كندا، أصبحت جميعها بالفعل في مرمى النيران السعودية. ويبدو واضحاً أنّ السعودية ستظل ترسل موجات صدمة في الدوائر الدبلوماسية لسنوات قادمة.
https://telegram.me/buratha