أسامة القاضي ||
"علموا أبناءكم أن الرجال لا يبكون على هزيمة فى ملعب كرة، إنما يبكون على مقدسات ضاعت وشريعة عُطِّلت ومحارم انتهكت ومسلمين شُرِّدوا.. وعلى مستقبل أمة كانت في يوم تقود الأمم". هذا الكلام هو تغريدة لامام الحرم المكي الشيخ ماهر المعيقلي.
لا اعرف لماذا غرد المعيقلي بهذه التغريدة، الا ان الذي اعرفه ان الرجال لا يبكون على مقدساتهم ومحارمهم وبلدانهم، لان الرجل لا يسمح، مادام حيا، لاي كان الاقتراب منها، فالحق لا يُبكى عليه، بل يُسترد من قبل الرجال الاشداء.
اذا كان المعيقلي يقصد في تغريدته الشعب الفلسطيني الذي شردته العصابات الصهيونية، فهذا الشعب مازل متمسكا بارضه ومقدساته رغم اجرام الاعداء وغدر الاشقاء، واليوم وبعد مرور 75 عاما على احتلال فلسطين ، يخرج رجال فلسطين من المعاناة والمأساة، لينغصوا على المحتل حياته، وتدفيعه ثمن احتلاله ارضهم.
اما اذا كان المعيقلي يقصد الشعوب العربية والاسلامية في سوريا والعراق واليمن والصوماال وليبيا وافغانستان و.. ، فعليه اولا ان يسأل من شردهم ومهد للمحتل الغربي ان يحتل بلدانهم ويتدخل في شؤونهم؟. وعليه ان يسأل ايضا، من اين جاء مئات الالاف من التكفيريين الذين يحملون الفكر الوهابي الدموي، لينشروا الدمار والخراب في ربوعهم ويشردوهم؟.
كما نسأل المعيقلي الذي يدعو الى البكاء على المقدسات التي ضاعت والشريعة التي عطلت، ترى من هي اكثر جهة، أساءت الى المقدسات الاسلامية، من وجهة نظره، اكثر من مشايخ التكفير والعصابات التكفيرية، التي تنفذ تعاليم الوهابية بحذافيرها.
اما بكاء الرجل على مستقبل الامة، فنقول للمعيقلي، من الذي نصب العداء لكل حركات التحرر العربي والاسلامي، التي كانت تعمل على النهوض بالامة وبناء مستقبلها، أليست السعودية والمذهب الوهابي التكفيري؟. من الذي ناصب العداء لعبد الناصر ولمحور المقاومة وحزب الله وحماس والجهاد الاسلامي وانصارالله والحشد الشعبي، الذين ومازلوا يحملون البندقية للدفاع عن الامة ومستقبلها، الم تكن السعودية؟. من ناصب كل الانظمة العربية والاسلامية الرجعية، وروج للفكر الهدام ونشر الفكر التدميري، لينخر بالامة، واخرها هذا الفكر الظلامي "الداعشي"؟.
المرء يصاب بالحيرة وهو يسمع خطيب وامام بلد يبيع اكثر من 12 مليون برميل نفط في اليوم، بينما عدد نفوس شعبه لا يتجاوز 28 مليون نسمة، كما يعتبر هذا البلد من اكبر مستورد سلاح في العالم، فيدعو رجال هذا البلد للبكاء على مقدساتهم؟!!.
قبل ان انهي هذه السطور، من المفيد الاشارة الى قصة اخر ملوك الاندلس المدعو عبدالله الصغير، الذي وقف على تلة تطل على أراضي غرناطة، بعد ان سلمها للاعداء، وهو يبكي فسمعته امه فقالت له : ابكِ كالنساء ملكاً لم تحافظ عليه مثل الرجال. هذه القصة تؤكد على حقيقة ان الرجال الذين يقصدهم المعيقلي هم اشباه الملك عبدالله الصغير، الذين عاشوا في الاندلس حياة متخمة بالفساد الأخلاقي والترف والدعة، بالإضافة إلى الفُرقة والتنازع فيما بينهم على الحكم، ودخول الأندلس لعصر ملوك الطوائف، إلا ان رجال الله في لبنان واليمن وفلسطين والعراق وسوريا و.. ، لم ولن يبكوا ، فهم إما ان يسترجعوا حقهم او يموتوا دونه.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha