المقالات

السلفية والتطرف ... اضطرابٌ في منهجية التفكير (الحلقة الأولى )

1848 14:43:00 2007-05-30

فائق الربيعي

لكي تكون هذه الدراسة منهجية وحيادية لا بد من الاعتراف بحدود إمكانياتنا الذاتية ونظرتنا إلى الواقع دون أن ندعي الإحاطة والشمول أو القطيعة مع هذا الواقع , وإنما هي محاولة تكميلية تمت من خلال القراءة والمعايشة والملاحظة في رصد الظواهر الإسلامية الجديدة والقديمة في المكان والزمان ,وأبدأ على بركة الله وطاعته أولا بالسلفية كظاهرة لها حيز من الجدل في الشارع العربي والإسلامي والعالمي .

تعريفان مهمان

-1 السلفية الإسلامية: تيار فكري تقليدي يستند على الماضي ويستعين به لبناء الحاضر والمستقبل . والسلفية ليست فلسفة ً ولا مذهبا ً دينيا ً, وإنما جماعة تفهم القرآن من خلال السنّة وأقوال الصحابة , ولا تأخذ بالنظرة العقلية لقراءة النص القرآني , وتشكل التيار السلفي تاريخيا من مدرسة الحديث , وكان احمد بن حنبل من أوائل الرواد لهذا التيار لشدة تمسكه بالكتاب والسّنة من دون الرجوع والأخذ بالرأي والإجماع , وكذلك من المنظرين والمنسقين لهذا التيار ابن تيمية , وكانت الدعوة الوهابية التعبير الحقيقي لحركة الفكر الوهابي في عصرنا الحاضر , والدين عند هذا التيار هو الإخلاص للسلف , وكل بدعة ظلاله .

2- التطرف : في اللغة هو الإتيان بطرف الشيء أي مجاوزته حد الاعتدال و عدم التوسط .والتطرف في حقيقته هو الجمود العقائدي والانغلاق الفكري . أي بمعني إن المتطرف لا يفهم ولا يقبل أي فكر أو معتقد يختلف عن معتقده , وان معتقده صالحا لكل زمان ومكان , ولا مجال للبحث والمراجعة فيه , وان كل قوانين الكون مستمدة من معتقده , والمتطرف مستعد ٌ لمواجهة من يخالفه بالعنف والتكفير والتقتيل . لذلك ترى خطاب هذه العقلية المتطرفة يتسم بالتغطية النفعية من خلال التأويل الديني , والهدف من ذلك إيقاع المطابقة بين مصالحه السياسية وما يراه على انه من صحيح الدين , فيكون كل ما يدعم مصالحه داخلا في دائرة الهدي وما عداه ظلال وبدعة ., وكل بدعة ظلاله وكل ظلاله في النار.

هل السلفية والتطرف في سلة واحدة ؟

من هذا السؤال الاستفهامي سيكون لنا إطلالة أولية على أسلوب واضطراب المنهج ألتفكيري عند الجماعات السلفية والمتطرفة , والتي لا تعرف سوى الانتقال من النقيض إلى النقيض ومن الأقصى إلى الأقصى . و كما هو معلوم إن السلفية ستكون من التيارات التي تتجه نحو الصعود والتأهيل للحكم في كثير من البلاد العربية والإسلامية , وذلك لسببين وجيهين أولوهما حالة التخلف في مجتمعاتنا بكل أشكاله ومسمياته وثانيهما الأنظمة الاستبدادية الحاكمة والتبعية الاقتصادية , لذلك يعتبر التيار السلفي إن النكبات التي حلت بالمسلمين تاريخيا, كانت بسبب الحروب والهجمات الصليبية والمغولية والفارسية , وكان كل ذلك نتيجة لعدم التزامهم بمبادئ عقيدتهم وابتعادهم عن منابعها الأصيلة . لذلك تحرك ابن تيمية وكرس جل نشاطه وعمله الفكري لإحياء ما كان عليه السلف الصالح , فأعطى حيوية وحركة في تنسيق أفكار ومنهج السلفيين , وقال بأن السلفيين لا يؤمنون بالعقل لأنه يضل , ويعتقدون بأن القران الكريم لا يُـفسر إلا بلحاظ الوحي الإلهي الذي انزل على النبي الأكرم , وأي اعتقاد خارج هذا النطاق قالوا عنه مستحدث في الإسلام ولا يمكن الركون إليه, واستنادا ً لذلك هاجموا المنهج العقلي في شرح العقيدة , وقالوا أيضا : لو كان هذا المنهج ضروريا ً لمارسه الرعيل الأول من السلف الصالح ,وان كل الحلول التي وضعها المسلمون الأوائل في الدين والدنيا جديرة بالثقة المطلقة ولا يرقى إليها الشك والتجريح , وأي مخالف لهذا الرأي هو بدعة وظلاله , وبذلك يكون لا سلطان للعقل في تأويل وتفسير القران الكريم إلا بمقدار ما يؤدي إليه ظاهر الآيات وما تضافرت عليه الإخبار, وليس عند السلفيين للعقل من سلطان إلا التصديق والإذعان . هذه هي عقيدة السلفية في خطوطها العامة منذ نشأتها ومرورا بالعهدين الأموي والعباسي وتنسيقها وتبويبها علي يد ابن تيمية إلى أن جاء محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر وجعلها في موضع التطبيق العملي في الجزيرة العربية , ومن ثم جاء السلفيون الجدد في القرنين الأخيرين ليعطوها حيوية جديدة نتيجة الاحباطات التي أصابت المسلمين في جميع الميادين .

اضطراب المنهج ألتفكيري السلفي.. هل هو حقيقة أم وهم ؟

فمن ابرز نقاط هذا الاضطراب الفكري وكمرحلة اولى النظرة الأحادية للنص القرآني , فهم لا يقبلون الاختلاف , والعالم في عقيدتهم قسمان لا ثالث لهما مسلمون أو كفار وواجب المسلمين هو الجهاد في سبيل الله ومحاربتهم حتى ينصاعوا لكلمة الله بقبول الإسلام و كذلك الاستسلام والخضوع للمسلمين.وحتى لا نبخس حقهم فليسمحوا لنا هؤلاء الإخوة السلفيون أن نناقش وبهدوء مفردة من مفردات الإسلام المهمة وهي كلمة الجهاد , كمثال علي اضطراب المنهج ألتفكيري عندهم.. فهل يعني الجهاد غير القتال ؟.. أم كل قتال هو جهاد فقط ؟.. أم هناك قتال من عمل الشيطان ؟.. وما هي شروط هذا الجهاد ؟ ....وهل الجهاد أداة بيد كل جماعة أو حزب أو فرد ؟ .... أم الجهاد يجب أن تمارسه الدولة فقط باعتبارها جاءت برضا الناس وقبولهم ؟ .هذا ما سنناقشه في الحلقة الثانية والله ولي التوفيق .

2007-05-29

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك