بعد تشكيل تنظيم عرف بإسم تنظيم الاخوان المسلمين بقيادة حسن البنا “1906_1949″ ومحاربة عبد الناصر له وجنوحهم عن بلد التأسيس مصر واختيارهم قطر كبديل ولجوء لهم لمتابعة فكانت هذه الدولة الصغيرة الملاذ الآمن والبلد الراعي لهذا التنظيم وذلك في عهد الشيخ علي عبدالله آل ثاني..حيث تعاطف الأخير معهم ومنحهم الثقة والعمل.
وهذا ما كان إلا بداية لأحداث سطرها التاريخ في حول كيفية تدخل هذا التنظيم “الابن المدلل للأسرة الحاكمة في قطر”في نزاعات وانقلابات وثورات أخذت طابعها الديني ظاهريآ لاستمالة تعاطف الشعوب العربية وتحكّمهم عن طريق الدين بعقول الشباب العربي حتى يومنا هذا …
قطر من خلال ثرائها استطاعت أن تمّول هذا التنظيم وأن تستغلّه فيما يخدم اسرائيل وأميركا .
ومن الواصلين إليها في تلك الفترة عبد البديع صقر والشيخ يوسف القرضاوي وعبدالمعز عبدالستار وأحمد العسّال وكمال ناجي وغيرهم وكان ثمة انبهار قطري بهذه الرموز الإخوانية والتي كان لها دروس وحلقات في المساجد ومحاضرات عامّة كان من شأنها أن تكسب من خلال ذلك كسب ثقة الشعب القطري إلى جانب الحاكم ..
ويبدو أن هذه المجموعة من الإخوان كانت حريصة على العمل الفردي العضوي حتى لا تثير الشكوك حولها خاصة وأن شبهة “الحزبية” كانت دائماً تلاحق الإخوان الفارين إلى خارج مصر,ومع الوقت بدأت هذه الجموع من الشباب تشعر بألفة فئوية ورفقة سيكولوجية لم تكن تشعر بها من قبل وأيضا مع الوقت ونظراً لتأثرهم بكتابات سيد قطب وفتحي يكن وغيرهم واحتكاكهم المباشر مع الفارين من الإخوان بدؤوا يشعرون أنهم أصبحوا إخوانا دون أن ينتبهوا أن الإخوان يعيشون مع الدولة في مصر وأن لا صراع لهم مع الدولة في قطر لكن في غمرة هذا أصرّت هذه المجموعة الصغيرة من شباب قطر ( لا تتعدى المئة ) في منتصف السبعينيات 1975على ضرورة اختيار ( مسؤول ) للإشراف على هذه المناشط ( تربية ، وترويح، واحتفال).
وبعد خمس سنوات من تشكيل التنظيم الجديد البسيط شكلاً ومضموناً جاء بعض الخريجين الجُدد من الخارج 1980 ـ 1981 وانضموا إلى هذه المجموعة.
هذا قديمآ وإذا ماتوسعنا للفترة الحالية إن الحضور الإخواني في قطر أبلغ من أن يتم الحديث عنه وهو له أصل تاريخي معروف وواضح، فالتحليل يشير إلى أن وجود جماعة الإخوان المسلمين في قطر ودول الخليج ليس بنفس الشكل المنظم في الدول العربية الأخرى وهو ما يمكن ملاحظته في إفصاح القرضاوي عن نفسه أو في موقف الجماعة منه فهو ليس إخوانيا ولكنه بالنسبة للإخوان عالم جليل، الخلاصة أن الإخوان لم يكن لهم وجود على مدار سنوات طويلة في قطر ولكن روحهم وفحوى فكرهم كانت هي الموجودة.
بعد الثورة المصرية ظهر توجه جديد في قناة الجزيرة أظهر موالاة واضحة للإخوان المسلمين في مصر وظهرت أحاديث وتقارير صادرة عن جهات رسمية عربية وغربية تشير إلى صفقة بين الأخوان المسلمين وقطر وأميركا وإسرائيل على دعم الربيع العربي.
الثابت أن الثورة قامت في كثير من البلدان فلم يكن أمام إسرائيل وأميركا إلا العمل على إيجاد بديل قادر على مواصلة السير وفقا للمصالح الأميركية، وكان هذا البديل من الضروري أن يتمتع بقبول شعبي عربي ولم يكن هناك بطبيعة الحال سوى الإخوان المسلمين أصحاب الشعبية الأبرز في تاريخ الكفاح السياسي العربي، فوصل
الإسلاميون في تونس وليبيا ومصر وحتى في المغرب التي لم تقم فيها ثورة إلى الحكم، مما يشير إلى أن الولايات المتحدة باتت راضية عن هذا الخيار وكان عليها أن تبحث عن موطن جديد يحتوي الإخوان ويضمن الولاء للولايات المتحدة وأمن إسرائيل فلم يكن هناك أفضل من قطر,فقطر أكثر قربا للعرب وأكثر اتباعا للأميركان وأكثر نفوذاعبر إعلامها للرأي العام العربي ,حيث عقدت قطر صفقات مع الأميركان والإسرائيليين رغم إعلامها العدائي لهما.
ولا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي لعبته قطر عن طريق قناة الجزيرة القطرية في ثورات الربيع العربي، وبشكل خاص في تونس ومصر وليبيا، وبعيدا عن المعايير المهنية، فإنه من الطبيعي أن تكون الجزيرة، المملوكة للأسرة الحاكمة في قطر، أداة لتنفيذ السياسة الخارجية لدولة قطر وأميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
حيث استخدمت بعض رجال الدين في تنفيذ السياسة الخارجية للدوحة، وإبعاد المد الثوري عن الدولة الخليجية الصغيرة.
فكانت طموحات أمير قطر في تحقيق الرفاهية والأمن لدولته لا حدود لها ويمكنه أن يفعل الكثير من أجل ذلك.
ومن المعلوم للجميع أنّ تقع قطر بين قوتين عظميين في الخليج، السعودية وإيران، وتحتاج لقوة أكبر وأكثر صرامة من أجل حمايتها من نفوذ القوتين السابق ذكرهما، ولكن هذا لا يكون دون ثمن”.
فهي “تستضيف قاعدتين عسكريتين أمريكيتين على أراضيها، والثمن هو “الصمت”، حيث يمكن لهؤلاء الحديث عن الأوضاع في الشرق الأوسط وإثارة الغضب في مصر وليبيا، ولكن لهم دور في أن تبقى تلك الثورات خارج حدود قطر، وجاءت العلاقة بين دولة قطر والنظام الحاكم في تونس حاليا والذي يأتي على رأسه حزب النهضة التونسي، عبر وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام الذي كان رئيسا لوحدة الدراسات والأبحاث في مركز الجزيرة بالعاصمة القطرية الدوحة، كما أن والد زوجته، راشد الغنوشي، هو رئيس حزب النهضة التابع لجماعة الإخوان المسلمين في تونس.
أما في ليبيا كان نهج السياسة الخارجية لقطر بأن شهدت تغيرا كبيرا فيما يتعلق بالتعامل مع الثورة الليبية التي ساندتها قطر بالأموال والسلاح، حيث شاركت طائرات قطرية في الغارات الجوية لقوات خلف شمال الأطلسي الناتو على ليبيا، كما انتشرت قوات قطرية خاصة برا في ليبيا، وقادت الليبيين في قتالهم ضد قوات القذافي.
وإلى سورية كانت الرغبة القطرية واضحة في الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد تأتي من أجل إقامة نظام آخر ترأسه جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وهو هدف تدعمه تركيا أيضا.
وأن وجود نظام تابع للإخوان في سورية سيمنح النظام الحاكم في قطر سلطة أكثر استماعا ويدا مفتوحة في دمشق.
أما عن الخصومة بين قطر والسعودية أو إن صحّ التعبير نقول القطيعة كانت أسبابها في استمرار الدوحة في دعم تمويل الحركات الإسلامية الخارجة عن الطاعة السعودية. وهو ما يثير حساسية تاريخية لدى السعوديين، باعتبار أنفسهم مرجعية كل الحركات الإسلامية في العالم فالوضع اليوم معقد للغاية: قطر الصغيرة القليلة السكّان، وإنما البالغة الثراء، انتهجت استراتيجية ناجحة لحماية الذات وتعظيم المكانة والدور؛ عملت على شغل أكبر المساحات العربية في العالم الافتراضي للفضائيات والإعلاميات والثقافيات والإنترنت، المئات من الإعلاميين والمثقفين والتقنيين العرب ووهمها وصل بها من استراتيجية حماية الذات إلى استراتيجية السيطرة على العالم العربي.
وسّعت قطر تنظيمها ليشمل، بالإضافة إلى الإخوان المسلمين، الشبكات الإرهابية،إن كان في سورية أو غيرها ممن يفيد اسرائيل واميركا فهي بالنتيجة رغم كل ماكينة الضخ إعلاميآ وماديّآ تبقى تابع لهما وإن كان سابقآ في الخفاء إلا أنه اليوم بشكل علني واختارت قطر أن تكون طرفا في الصراعات التي تشهدها المنطقة بعد أن راهنت على موجة الربيع العربي التي اجتاحت بعض البلدان، بأن تكون الراعي الرسمي لتلك الانتفاضات، وحاضنة الحكام الجدد لأنظمة الربيع العربي، والذي أصبح إسلاميا بصعود تيارات الإخوان المسلمين واستلامهم الحكم، وظهر جليا تبني إمارة قطر لأجندات التنظيم الدولي، خاصة في الفترة الممتدة بين استلام الإخوان للحكم في مصر وبعد عزلهم من المؤسسة العسكرية بقيادة وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي.
التزام قطر الثابت بدعم جماعة الإخوان أصبح مفهوما إلى درجة أنها من أجل تحقيق طموحاتها في المنطقة عرّضت علاقتها للخطر مع دول الخليج التي أبدت امتعاضا من سياستها الخارجية وارتباطها بالإخوان،ولم يتغير الموقف القطري من إخوان مصر بعد استلام الأمير تميم الحكم خلفا لوالده، بل عرفت العلاقات المصرية القطرية توترا لم يسبق له مثيل، بعد أن أعلنت قطر استنكارها لعزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي وفض الجيش لاعتصامي أنصار الإخوان في ميداني رابعة العدوية والنهضة.
ورغم مواقف قطر الفاضحة لتمويلها تيارات الإسلام السياسي، والمجموعات المتشددة، والانتقادات الدولية لها فهي تستمر في مواصلة الدعم والتمويل من جهة، ومن جهة أخرى تظهر بمظهر الراعي للديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ومع كل ذلك، أثبتت المعطيات السياسية الحالية أن استراتيجية قطر حول استخدام الأموال رهان خاسر إذ نجحت في بعض البلاد وفشلت في أخرى ، كونها خسرت مليارات في شراء أسلحة لجماعات المتمردين الإسلاميين المتشددين في دول الربيع العربي ومازالت تتدخل في الشؤون الداخلية للدول متناسية حجمها الحقيقي فالشعوب الحرة وحدها القادرة على تقرير مصيرها واختيار الحكم المناسب لبلدانها إذ فشلت قطر ومعها الإخوان في فصل الدين عن السياسة كما يدعون فالدين لله والأوطان للجميع .
3/5/140401