مديحة الربيعي
بمجرد أن تذكر أسم العراق, يتبادر إلى ذهنك, أكد بابل أشور, عشتار, كلكامش, دجلة والفرات, بساتين النخيل, الحضارة, أضرحة الانبياء, وتعرج بفكرك إلى قطع من الجنة على ألارض, قباب ذهبية تحتضن القيم والسمو الروحي, وتمثل طريقاً بين السماء وألارض, نعم أنها قبسات من نور خير ألانام( عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام), فبمجرد أن تذكر العراق تذكر كربلاء النجف والكاظمية المقدسة.
هذا هو العراق, بلدٌ تجتمع فيه كل مقومات الحضارة والتاريخ, والتي عجزت البلدان ألاخرى أن تضاهيها, فتجد الفكر السومري, ممزوجاً بالعشق الحسيني, يطرزه العنفوان العراقي, بكل ما تحمله من مضامين الكرم والشموخ والنخوة, فتجتمع كل تلك المقومات في المواطن العراقي, الذي ضحى وأعطى وعانى, فقدم على مدى أعوام قرابين تتلوها قرابين, بين أخوة وفلذات أكباد, وشموس أفلت قبل أوانها.
رغم ذلك كله, تجد من يساوم على العراق وأهله, ممن غرتهم السلطة, وأصبح الكرسي شغلهم الشاغل, فيروم المتاجرة, بالبلاد ومن فيها, من أجل أن يحقق مبتغاه, لو أن أحدهم فكر بقيمة ماذا ينجز؟ وكيف يخدم الناس؟ وكيف يعالج ألازمات المتفاقمة بالبلاد؟ بقدر تفكيره بالهيمنة على السلطة, لكان العراق في مصاف الدول المتقدمة, فعندما يتعلق ألامر بالمنصب, تجدهم في حالة ألاستنفار القصوى, على قدم وساق, من أجل خدمة الكرسي, ويدخلون في سبات عميق حينما يتعلق ألامر بالبلد وأهله.
ربما يعتقد البعض, أن الوعود بألاصلاح, والسعي من أجل تغيير الوضع سيكون الجزء أحد مرتكزات الدعاية الانتخابية, ألا أن ألاستخفاف بعقول الناس وصل الى ابعد من ذلك بكثير, فهم يقدمون للعراقي (بطانية)أو (طبقة بيض), (كارتونة مواد غذائية), من أجل حث الناس على ألانتخابات! مشهدٌ لن تراه ألا في الصومال, وفي الدول ألافريقية المتصارعة, التي ينزح سكانها هرباً من الحرب والقتل, ولو أن أحداً من الوافدين للبلاد شاهد هذا المنظر, لأعتقد أنه في أفريقيا, ألا أن الناس في العراق قد ألفوا هذه المشاهد قبيل ألانتخابات.
هل يتبجح هؤلاء بحجم العوز والفقر؟ الذي ما هو ألا نتيجة لأدارتهم الخاطئة للبلاد, أم أنهم يتعمدون أستخدام سياسية التجويع, حتى يصبح الناس رهن أشاراتهم؟, وكيف يعتقد من يسعى, لشراء البلد ببطانية أن الناس ممكن, أن تثق به بعد ذلك فيأتمنوه على أدارة بلد بأكمله؟
ربما نسي هؤلاء أن الفقر, لم ولن يذل العراقيين يوماً؟ وقد جربه من قبلهم الكثير ليذلوا أبناء الرافدين, وألاهوار تشهد على ذلك, فكان مكان الطغاة الطبيعي مزبلة التاريخ, وبقيت أهوار العراق, شامخة كنخيل العراق, وربما نسي هؤلاء أن العراقي يجود بنفسه لأجل من يحب؟ ومواكب خدمة زوار سيد الشهداء (عليه السلام), شاهدة على ذلك فلن تجد بيتاً, الا وقد جاد صاحبه بما يملك حتى لو كان يعيش في فقر متقع, فهل تعتقدون أن شعب مثل هذا, ممكن أن يبيع بلده مقابل أشياء رخيصة.
ذات مرة سُئل الشاعر العرب ألاكبر الجواهري, لماذا تقول العُراق, بضم العين ولا تقول العِراق, بكسر العين؟ فقال" لأنه يعز على الجواهري أن يكسر عين العراق", ليتك تعلم أيها الجواهري, أن الساسة يتاجرون بالعراق, في أسواق المزاد العلني, وبأبخس ألاثمان, فهو لا يساوي عندهم أكثر من مجرد بطانية, أو أقل من ذلك, ختام الكلام, من يعتقد ان البلد, أو الشعب بهذا الرخص, فهذا دليلٌ على رخصه, "فكل أناءٍ بما فيه ينضح".
https://telegram.me/buratha