مديحة الربيعي
يحكى أن مهرجاً, عاش في قرية فقيرة وكان يعمل, في سيرك ليؤمن قوت عائلته وذات مرة, سقط المهرج من على الحبل, فكسرت قدمه وفقعت عينه اليمنى فلم يعد قادراً على القيام بعمله, أراد المهرج أن يحل محله أبنه ليكمل عمله, على أن يكون أجره أقل من أجر والده.
أجتمع أهل القرية ليتفقوا, حول أختيار المهرج , فأجمعوا أن أبن المهرج الأعور, لن يعمل في السيرك بدلاً عن أبيه, فمهرج أعور, سيخلف مهرجاً أحمق, لذا لن يكون قدر أبنائهم أن يتابعوا مهرجاً اعور أو أحمق في سيرك القرية
تذكرني قصة المهرج وأبنه تلك ما يحدث في العراق, من أتباع الساسة لنظام التوريث وكأننا في نظام الملكية, فالوزارات سيرثها أبن دولة الرئيس بعد عمر طويل طبعاً ومادام الوالد موجوداً, فلا بد أن ينعم الأبن بالعز والدلال في دولة والده العزيز فالبلد في الحقيقة ,ملكاً له ولوالده ولعشيرته جميعاً والأصدقاء والمقربين,ولم يعد بلد العراقيين, فكل مؤسسات الدولة بيد ألابن البار, وجميع زمام الأمور بيد الوالد الحبيب, وهذا هو المطلوب بالتحديد.
بات على العراقيين جميعاً أن يشكروا, الأب العزيز والأبن البار لأنهم وافقوا على أن يستضيفوا الشعب العراقي, وهذا لطفُ منهم طبعا فنحن في الحقيقة نعيش في ( دولة الخلفوهم) , ويجب أن ندفع لهم ثمن الإقامة والإيجار على أرض العراق, ولكن كرم أخلاقهم سمح لهم بالتغاضي عن المطالبة بأجرة السكن في الوطن.
ربما دفع الشعب بأكمله ثمن السكن في الوطن, من دم أبنائه, ربما في سيارة ملغمة, أو حزام ناسف لا يميز بين الصغير والكبير, أو دفعوا ضريبة الدفاع عن الوطن في جبهات الحروب ضد الإرهاب, وضد أعداء العراق في الداخل والخارج, ولازالت القرابين تتوالى على مذابح الحرية, ولازالت بحور الدم تسيل في بلاد الرافدين.
فهل من المعقول أن يصبح العراق ملكاً لأحد أو حكراً على أحد؟ ومتى سينتبه أبناء هذا البلد لما يحيط بهم من مخططات ومؤامرات تحاك في الخفاء؟ ولماذا الصمت على أسوار الدكتاتورية التي توشك أن تطوق عنق الوطن من جديد؟ وهل سيرفض أبناء قريتنا المهرج الأحمق بعد سقوط المهرج الأعور من السيرك؟ أسوة بما فعلته بالقرية الصغيرة ؟ أم سيبقى قدرنا أختيار السيء والأسوأ؟
https://telegram.me/buratha