مديحة الربيعي
وجوه غيرتها الشمس, وأيادي صغيرة تحمل كسرة خبز, وأقدام حافية تخطو على جمر العوز ومرارة الخسارة, وألاكراه على ترك المال والديار, ليكون المسكن خيمة تصب الجمر, على رؤوس ساكنيها تحت حرارة شمس تموز التي ترغب أن تتوارى خجلاً, لأنها تشرق على أناس لم يعد للنور مكانٌ في حياتهم.
الجوع, والعطش والسير لمسافات طويلة, والمصير المجهول, أبرز يوميات النازحين, التي لم تنته عند هذا الحد والوصول لمنطقة امنة, بل سيبدأ فصلا اخر من فصول العذاب, الذي يمثل نيل لقب نازح جواز المرور لعالم لم يألفوه مسبقاً.
حرائر أعتدن أن يكن مصانات, وأطفال إعتادوا اللعب في باحة المنزل, وأب أعتاد أن يوفر لأهله قوت يومهم بعمله وجهده, وتأبى نفسه أن يطلب العون وألاحسان.
آلان مجمل ما بحوزتهم خيمة, وورقة تثبت انهم نازحين, ويوميات أقل ما فيها من مرارة الأجتماع حول مائدة ألافطار, ليؤدوا فريضة الصوم للخالق الذي يحرسهم بعينه التي لا تنام, وسرد ذكريات رمضان المنصرم وكيف كانوا في بيوتهم امنين, علها تخفف عنهم وطأة الالم, وحرارة يوم طويل, يأملون أن ينقضي سريعا, ليسدل الليل ستاره, فيكون ستراً لهم, ويأتي بنسائم تمحو قسوة شمس النهار.
مخيمات تضم بين ثناياها قصصاً تفطر القلوب, وتذيب الصخر الماً وحسرة, على شيوخ مرضى دون علاج, ورضع يصرخون من الجوع, وأمهات حيارى لا تعرف ماذا ستطعم الصغير والكبير, وأباء جار عليهم الزمن وأصبحوا غرباء يطلبون ألاحسان, في بلادهم.
هذا هو حال الاف من الاسر النازحة التي أجبرت على ترك منازلها, بسبب مجاميع من القتلة أختارت أن تعتاش على الدم, وترويع الابرياء, يشاركهم في ذلك من ثلة من المتخاذلين ممن باعوا بلادهم بثمن بخس, وخانوا الشرف العسكري.
بين هذا وذاك يكتمل مثلث الخراب بمسؤولين متخمين, لم يكلف أحدهم نفسه بالتبرع براتب شهر واحد يخصصه لسد رمق ألاف الجياع من أبناء وطنه, فأختار من البنوك الأوروبية وطناً لماله, وتخلى عن أبناء وطنه, لتكتمل بذلك اطراف معاناة النازحين, الذين تنطبق عليهم كلمة لاجئين, فهم غرباء داخل الوطن, وكأن لسان حال كل نازح يقول, قد أصبحت لاجئا في بلدي!
https://telegram.me/buratha