المكان, أرض أصبحت كلها الطف, التاريخ في القرن الواحد والعشرين, عام 2014, الحدث, قصة جديدة عن الصراع, بين الخير والشر, الذي مازال قائماً, منذ أن عصى الشيطان الخالق جل وعلا, وخرج من الجنة, ملوماً مدحورا ,وأتخذ من آدم وحواء وذريتهما أعداءً له.
حين تقف في بقعة معينة من صلاح الدين, تسمع أصوات شبابٍ مروا من هنا, كانوا يحملون حقائب صغيرة, يجمعون فيها أمتعتهم, بعد أن تلقوا أوامر عسكرية, بالأنتقال الى صلاح الدين, لم يكن أمامهم خيار سوى إطاعة هذه الأوامر, لتكون تلك المحافظة مثواهم الأخير, بعد أن خانهم القادة, وسلموهم إلى مصاصي الدماء الجدد , في العصر الحديث, من ذوي اللحى الطويلة العفنة, والعقول الصغيرة, والنفوس المريضة, فكانت النتيجة, مجزرة, جعلت حتى العار يشعر بالعار, نعم أنها مجزرة سبايكر.
مجموعة من الشباب, قتلوا بدمِ بارد, على الهوية, في زمن أصبح فيه الأنسان, سلعة رخيصة, ككرة تتداولها أرجل اللاعبين, فالسياسية بطبيعة الحال تضم بين ثناياها, من المحترفين في صناعة الدسائس, تفوقوا حتى على الشيطان نفسه, فباعوا دينهم بدنياهم, وأختاروا الكراسي, على حساب دماء الأبرياء.
سبايكر وجع عراقي بأمتياز, أضيف الى لائحة أوجاع العراقيين, التي أصبحت أطول مما ينبغي, حسرات الأمهات, ولوعة الآباء, فاقت حدود الألم, ولوعة الفراق, ففي كل مرة, يزور الموت بيوت العراقيين, بسبب تفجير أرهابي, أما بحزام ناسف أو سيارة مفخخة, فيعرف الأهالي المفجوعين بمصير أبناءهم, فمنهم من يجد هوية لعزيز, أستشهد, أو جزءٌ من يدٍ أو رجل, أو أشيء يدلهم عليه بين الأشلاء, فيشرعون بأقامة سرادق العزاء, راضين بأرادة السماء, صابرين محتسبين.
أما هذه المرة, أستكثر القدر على الصدور الحرى, والقلوب التي تتمزق الماً وحسرة, على أن يعرفوا مصير الأحبة, فهم في حيرة من أمرهم, بين إقامة العزاء, أو انتظار بارقة أمل, عسى أن يعود غائبهم ويطرق الباب مجدداً, ويأوي إلى أبويه, كما عاد غائب يعقوب ( عليه السلام) بعد فراق طويل.
أنه موت مؤجل, ووجع يُقطع نياط القلوب المنتظرة, التي يمر عليها الوقت طويلاً بطيئاً, مثقلاً بالهموم والترقب والإنتظار, ألم حفر عميقاً ,في أغوار الروح العراقية, أنه وجع سبايكر, الذي أظهر الوجه القبيح, لورثة قابيل الذي, قتل أخاه ظلماً وعدوانا, فالتاريخ يعيد نفسه, مرة أخرى.
من يقف على أرض سبايكر, سيمر أمام عينيه, شريط كامل لفاجعةٍ, لها طعم ألمٍ خاص, سيسمع صدى ضحكات الشباب, حين خرجوا عائدين الى منازلهم, أملاً بلقاء الأهل, فرحين بأجازة, ظنوا أنهم سيعودون بعدها, الأ أنها كانت طويلة هذه المرة, فهو فراق أخير دون وداع, للأهل والوطن, من يمر من هناك, سيسمع صوت وصية لشابٍ, يهمس في أذن الريح , بلغي سلامي لشهيد كربلاء, وأخيه صاحب اللواء, (عليهما السلام), لأني لن أكون خادماً, لزوارهم في عاشوراء, ولسان حال صديقه الذي بجانبه يقول, للزائرين أذكروني بدعائكم, فلن أكون ضمن, قافلة السائرين مشياً في زيارة الأربعين, وأخر يقول, هل أجد من ينقل سلامي الى أمي, حتى تعرف أني مفارقٌ دون رجعة, بينما الأخر يخاطب ماء دجلة, بقوله قد كتب عليك, أيها النهر أن يتغير لونك, فتصطبغ مياهك, مرة بالأزرق, حين رمى المغول, الكتب في مجراك, ومرة بالأحمر, فدمائنا ستعكر, صفوك وتجعلك تختنق دماً.
جعل الباري, جل وعلا مواسم للحياة, كلها تهدف لخدمة الأنسان, منها موسم الربيع, وموسم الزرع والحصاد, فهي قوانين أراد بها الخالق, أن ينظم حياة البشر, الأ أن اشباه البشر خالفوا قوانين الحياة, وأكتفوا بقوانين الموت, فصنعوا مواسمَ خاصة بالموت, يشربون فيها الدم, ويأكلون فيها لحم البشر, أنه موسم حصاد الأرواح, بطريقة أتباع الشيطان الذي تخلى, عنهم هذه المرة, لأنه شعر بالعار, مما أقترفت أيديهم.
https://telegram.me/buratha