يفضل أن يقف وسط جنوده, في البرد القارس, رغم أن غرفته تحتوي على كل وسائل الراحة ,التي تليق بمنصب القائد, إلا إنه يتقاسم مع جنوده نفس المعاناة, ويحرص على الإشتراك, في المعارك بنفسه, أنه يدرك الأمور ببصيرته الثاقبة, ويراقب تحركات, العدو بعينيه الزرقاوين, التي ترى الحقائق بطريقة, مختلفة عن الآخرين, الإخلاص لبلده وحبه لجنوده, والفطنة والدهاء, والحكمة, جعلت منه, أعظم قائد عسكري, في التاريخ الحديث, إنه إرفين روميل, ويكتب أسمه أختصاراً (رومل)
ولد إرفين يوهانس أيوغين روميل, في15 نوفمبر 1891, عمل رومل كملازم وحارب في فرنسا, ورومانيا وإيطاليا. أصيب ثلاث مرات ,وحصل على وسام الصليب الحديدي, من الدرجة الثانية. وفضّل رومل أن يبقى, كقائد ميداني, في ساحة المعركة, على منصب أركان حرب, تدرج في الخدمة حتى وصل, إلى رتبة مارشال.
رغم منصبه الرفيع, الأ انه كان متواضعاً, فلا يجلس مع الضباط, أصحاب البزات الأنيقة والأحذية العسكرية, التي يجب أن تعكس الضوء, حين يسقط عليها, نتيجة الحرص, على لمعانها ونظافتها, لتبين مدى أناقة الضابط الألماني, بل كان يفضل أن يتناول وجبه, طعامه مع جنوده, ذوي الأحذية المثقوبة, والأصابع المزرقة من شدة الصقيع, وبأسلوبه هذا ملك قلوب, وعقول الجند الألمان, حتى أن طاعتهم له أصبحت عمياء, فلم يعودوا يبصرون, إلا من خلال عيون قائدهم المحبوب.
قاد رومل ما يقارب 16 حرباً, كانت أولها معركة الأرغون, في الحرب العالمية الأولى, وأخرها معركة النورماندي, في الحرب العالمية الثانية, بفضل دهائه وحنكته, نال لقب ثعلب الصحراء, لأنه وطبقاً للتصنيفات العسكرية, يعتبر أبرع قائد في حروب الصحراء, ونتيجة لأنتصاراته المتلاحقة, تم تصنيفه كأعظم, قائد في التاريخ المعاصر, أذ أنه لم يخسر سوى, معركة أو أثنتين, ليس بسبب نقص الكفاءة, بل نتيجة نقص الدعم الجوي, فثعلب ألمانيا المخلص, هو والنصر رفيقان لا يفترقان.
رغم أن رومل عاش ومات نازياً, الأ أن التاريخ شهد له بما يليق به, الرجولة والبطولة, والأخلاص, والعزيمة, والأيمان بالوطن والمقاتلين, من رفقاء السلاح, فوضع نصب, عينيه ألمانيا الحلم, فلم يبرح يوماً, خطوط التماس مع العدو, وفضل أن يموت منتحراً أحتراما, لشرف البدلة العسكرية, بعد أن حرص بعض, قادة الجيش الألماني, بأقناع هتلر بفكرة, مفادها أن رومل هو, العقل المدبر لأغتياله, ففضل أن ينهي حياته, حتى لا يوصم بعار الخيانة.
ترى ماذا تركوا للتاريخ, قادة سلموا مفاتيح, الموصل لداعش؟ قبل أن يطلقوا أطلاقة واحدة؟ ولماذا لم يقدموا للمحاكمة العسكرية؟ عل أقل تقدير, ما الذي دفع القائد العام للقوات المسلحة, وهو رئيس الوزراء السابق, للتغاضي عن محاكمتهم؟
على ما يبدوا أن قادة العار, ليسوا معنيين بالوقوف, على خطوط التماس, بل ما يعنيهم, هو الحرص على ضمان, الولاء المطلق, داخل صفوف الجيش, للقائد العام حتى وأن أحرق العراق, بمن فيه, فخطوط التماس, بالنسبة لقنبر وغيدان والغراوي, في أروقة القصور, بعيداً عن منضدة الرمل الحربية, التي عاش المارشال رومل, طوال حياته بجوارها.
حين أفتح كتاباً, يروي حياة رومل, أشم بين سطوره عبق الرجولة, والإخلاص, والتفاني لما يؤمن به, حتى وأن كان نازياً, وحين تفتح أجيال ستأتي, بعدنا كتب التاريخ التي, ستسجل على قنبر ورفاقه, نكسة الموصل, سيستنشقوا رائحة المؤامرات النتنة, والخيانة والتخاذل, ليتك كنت عراقياً رومل, لنفخر بك, وليتك كنت نازياً قنبر لنلعنك!
https://telegram.me/buratha