تعد العلاقات بين دول العالم، وما تحتويه من خصومات أو توافقات هنا وهناك مسائل عادية، هناك دول كبرى وأخرى صغرى، ودول متنافسة فيما بينها عسكريا أو تجاريا، ودول متجاورة تنشب بينها صراعات واختلافات على أراض أو سكان، والأمثلة كثيرة لا حصر لها، واهم تلك الصراعات وأشهرها، إقليم كشمير بين الهند وباكستان، وناغورني كارباخ بين أذربيجان وأرمينيا، والالزاس واللورين بين فرنسا والمانيا.
الصراع على الأرض أو لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية يبدو تقليديا وعاديا، ولكن هناك صراع من نوع أخر وهو الصراع الاثني، صراع الأفكار، صراع المنهاج الديني.
نصبت بعض الدول في العالم نفسها كحامي ومدافع عن منهج ديني معين، فتركيا مثلا تميل ميولا قومية متشددة، أنها الحامي لكل القومية التركية أينما وجدوا في العالم، العراق، إيران، الصين، أرمينيا و أوروبا أيضاً، وأخذت تتقمص في الفترة الأخيرة شخصية الداعم والمساند والحامي للطائفة السنية خاصة في العراق، انه هوس اردوغان بالخلافة واستنشاقه لبقايا رائحة الدولة العثمانية القائمة أصلاً على أساس ديني شكلا، فيما مضمونها لا يمثل أي منهج ديني.
دول أخرى مثل السعودية، تقمصت هذا الدور، لعبته بإتقان غبي، فالأموال الطائلة ساعدت الممثل الفاشل والأحمق، للحصول على دور البطولة المطلقة في مسلسل الترويج للأفكار المتعصبة، عبر نشر الفكر الوهابي المتطرف في إرجاء المعمورة استغلالاً لفقر بعض الدول، مصر بازهرها تقلص دورها، رغم إنها تمثل الدور الديني المعتدل في اغلب الأحيان، إلا إن السعودية تمكنت من سحب البساط من تحت أقدام مصر، ووصل الأمر إلى تصدير الأفكار المتعصبة إلى قلبها.
بعد تغيير الوضع السياسي في العراق عام 2003 وتشكيل حكومة شيعية، ووصول الأغلبية الشيعية إلى الحكم بعد زمن طويل، أعلن أكثر من بلد مجاور للعراق الحرب السياسية عليه، ولم تخجل دول معينة كالأردن ومصر و تركيا والسعودية، من إعلان ذلك جهارا نهارا، وان كان بشكل مزوق، ولم تدخر جهداً، فيل سبيل تعطيل عمل الحكومات العراقية المتعاقبة، عن طريق ممثليها في البرلمان والحكومة.
رد الحكومات العراقية كان غير مناسب تماما، خاصة في حكومة السيد المالكي الأخيرة، فلا هي قطعت العلاقات وهددت هذه الدول اقتصادياً وسياسياً، ولا هي سايستها، كانت عبارة عن مناوشات دبلوماسية صبيانية، وتنسى أصحاب القرار الدبلوماسي إن هناك مبدأ المعاملة بالمثل، موجود في كل أجندات الدول، المتخاصمة والمتصالحة فيما بينها، والمواطن العراقي لا زال يلقى الاهانة في مطاراتهم، فعمان والقاهرة ومطارهما خير دليل على ذلك.
أن مد جسور الحوار بين دول الجوار، وتحديد ملامح العلاقة المتبادلة بين العراق وهذه الدول وغيرها، أصبح أمر ملح، كثير من المواقف السياسية الدولية من العراق مبنية على معلومات خاطئة وتصور مغلوط عن الوضع العراقي، وهذه مهمة وزارة الخارجية.
المواطن العراقي شخص غير مرغوب به على كثير من أراضي الدول،فهو يحتل المرتبة الثانية كحامل أسوء جواز، لا يستطيع من خلال جوازه إلا عبور31 دولة بدون تأشيرة، يا سادتي ليست الخصومة من مصلحة احد، وعلى حكومتنا الموقرة، أن تعي أن كرامة العراقي فوق كل شيء، وما يحفظ كرامته أن تكون هناك علاقات متوازنة بين بلده والدول الأخرى..سلامي
https://telegram.me/buratha