محمد دهلوز
عامة الناس، يَرَوْن ظاهر الأمور؛ فيعلنون موقفهم، وأقوالهم وأفعالهم؛ تارةً بإرتجالية ومزاجية، وتارةً أخرى بعواطف ودون وعي، وطرف آخر يساوره الخجل ويظل حائر بين المزاجية والعاطفة.
ربما، هؤلاء تنطلي عليهم خفايا الأمور وباطنها؛ لذا فهم يسيرون وفق رؤية متذبذبة ناتجة من قصور في فهم الأبعاد والتبعات؛ التي تتخذ نتيجة هذه الأفعال والأقوال.
أغلب الجمهور، يميلون الى العاطفة ، وهذا لَيْس بخطأ، وإنما هي من مكنونات الشخصية التي تعرضت الى القهر والظلم والحرمان، وما أكثرهم في بلدي!
إلا أن الخطر يكمن، في المجموعة الارتجالية التي تطلق خطابات وعبارات وأقوال؛ تجعل من العاطفيين أدوات طيعة بيد هؤلاء الارتجاليون المتذبذبون بتصرفاتهم ؛ والنتيجة خلق فوضى يختلط فيها الحابل بألنابل ، وألابيض بألاسود، والعالم بألجاهل، وربما الحق بألباطل.
تنفسنا الصعداء، بعد سقوط النظام البائد والتغيير الذي حصل بعد ٢٠٠٣.
وظهرت طبقة سياسية جديدة ، كنّا نأمل منها خيراً؛ لتعيد ألق العراق وبغدادها ، حتى أصبحنا ندرك ان الأحلام التي كنّا يوماً نرددها بين شفاهنا، ونعيش لحظاتها في منامنا؛ قد أصبحت قريبة المنال وسهلة التحقيق.
الأحلام تبخرت وتحطمت، والأماني قد ذهبت وأصبحت بعيدة؛ بسبب أحزاب وكتل سياسية ، لم يكن همها العراق وشعبه ؛ بل مصالحها واستثماراتها وأهوائها، وتركوا شعب ينتظرهم طويلاً ولكن بدون جدوى.
الحركات والتظاهرات الاحتجاجية التي ظهرت اخيراً، والاعتصامات التي تخللتها، كلها كانت محط إحترام وتقدير ؛ لانها مكفولة دستورياً.
ولأنها تعتبر وسائل ضغط قوية ؛ السلطتين التشريعية والتنفيذية ؛ لإقرار المشاريع التي تحكم عامة الشعب وتوفير الأمن والخدمات بالنسبة للحكومة ومجلس وزرائها.
من الطبيعي أن ينقسم الشارع بين مؤيد ومعارض، فليس هناك حالة نظامية كاملة ؛ فألسياسة علمتنا أن المتغير ثابت والثابت متغير، يسيران بحالة عكسية تبعاً للظروف والمقومات والمصالح.
أن وحدة البلد ووحدة الشعب ووحدة المذهب؛ هي من تجعل النجاح والنصر حليفاً لتحقيق الغايات المرجوة.
الخوف من إندساس المندسين؛لخلق إقتتال بين أبناء الطائفة الواحدة وهذا هو مُرادهمْ ؛ وما الشعارات والهتافات التي سمعناها إلا رسائل وأهداف تصل الى القريب والبعيد ؛ لتوحي بأن هناك أمراً ما دُبِرَ بليل او سيُدبر؛ لكن نتمنى من العقلاء والحكماء ان يجعلوا هذا التدبير نهاراً وليس ليلاً؛ كي يستطيعوا اللحاق وكشف حصان طروادة المعشعش بينهم وينتظر ويتحين الفرصة ، قبل ان نغفوا ونراه مضيئاً مرة أخرى في الليل ، عندها نردد ولات حين مندم، ولات حين مناص.