واثق الجابري
القناعة الأمريكية والإقرار، بوجود إنحدار متسارع وتراجع النفوذ والتأثير، وتنامٍ متعاظم للكراهية؛ هي ما يدفع المتنافسين على الرئاسات الأمريكية لإنتقاد سابقيهم؛ إلاّ أنهم لا يختلفون بوصف مخالف السياسة الأمريكية بالضد وموقع المعادي، ولا بأس من إتخاذ التدابير المشروعة وغيرها؛ من أجل الحفاظ على الإستراتيجية الأمريكية بذريعة الحفاظ على الأمن القومي، ومن يخالف ذلك من الرؤوساء؛ سينتهي بفضيحة للتخلص منه من أقرب الأبواب.
ممارسة العنف والقوة وفرض الحلول الرأسمالية لأستغلال الشعوب؛ على حساب الكادحين وإرادات الشعوب؛ إتخذته الولايات المتحدة الأمريكية كعنوان لرسم إستراتيجياتها.
ما تزال السياسة الأمريكية وحيدة الجانب؛ تضع نفسها بمقام الأمبراوطورية التي لا تُعصى، وتتخذ كل الوسائل للدفاع عن ما تسميه مناطق نفوذها الحيوية، وترفض المساومة والتراجع في حالة الأخفاق الذي تعرضته في الشرق الأوسط، ومنها ما يتعرضه العراق من جراء غض الطرف الأمريكي، وسكوتها عن حلفاءها في حرب اليمن، وإشعالها شرارة حروب المنطقة؛ بذريعة اسقاط النظام السوري ودعم ما تسميه " المعارضة المعتدلة"، ووفق ما تُملى من شروط على حلفاءها، ودعم الحلفاء مقابل سكوت وتحريك المنظمات الدولية.
دعمت ونظمت الولايات المتحدة الأمريكية ما يُسمى بالنضال السلمي في سوريا؛ الى ان تحولت الى حرب مدمرة بإنعكاسات على المنطقة والعالم؛ بدعم من قوى الشر الإسلامية من السعودية وقطر وتركيا، وقبول أمريكي وتأييد، والنتيجة حرب في اليمن وتوسع إرهاب في العراق، وشحن المنطقة طائفياً، وخسارة ملايين السكان لمواطنهم وأموالهم ومئات آلاف من شبابهم، وتخريب الدول، وتقول فرنسا مؤخراً: لولا دعم قطر والسعودية للإسلام الراديكالي المتطرف؛ لما تنامى الإرهاب وإنتقل الى أوربا.
إن تراجع السياسة الأمريكية في المنطقة؛ جعلها تُشارك بقوة لدفع العراق للتخلص من داعش؛ بعد أن قلبت روسيا الموازين بمشاركتها المباشرة في سوريا، وبذلك رفعت أمريكا كثير من القيود التي كانت تفرضها على العراق في حربه مع داعش، وعند اقتراب الإنتخابات وتزامناً مع تحقيق العراق نصره في معركة الموصل؛ تسعى أمريكا لزج قوات حليفة لها؛ لمحاصرة الرقة وطرد عناصر داعش منها، وما يُعانيه العراق هو سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وسبب مشاكله؛ بتقارب وإتفاق حلفاءها؛ لإفشال نظام العراق الديموقراطي.
فشلت الإنظمة الطائفية في المنطقة، وصار لدى العلم قناعة؛ أن الإرهاب لم يتنامى لولا وجود أموال ضخمة ومؤسسات داعمة.
إذا كانت امريكا تُريد أن تعيد هيبتها؛ فلابد لها من رفع يدها عن حلفاءها المتهمين بدعم الفكر المتطرف؛ إذ لا يمكن للأنظمة الطائفية النجاح بقيادة الشعوب، وهي تتجاوز القيم الإنسانية والأخلاقية، والنتيجة فشل الحليف يؤثر على المُحالف، وتدهورت وإنحدرت السياسة الأمريكية؛ لتمسكها بحلفاء يدعمون الإرهاب والفكر المتطرف، وبالتالي تنامي الكراهية لأمريكا وتراجع لنفوذها، واليوم تسعى لإعادة التوازن؛ بلعب دور اساس في سوريا والعراق تزامنا مع الإنتخابات الأمريكية، وتبقى القضية اليمينية وصمة عار إنسانية أمام صمت دولي أخرسه سوق السلاح والرأسمالية، وتناقض بمقياس الإنقلاب والشرعية بين سوريا واليمن، ولكن العراق أصر أن يُحرر أرضه بنفسه مهما تصارعت الإرادات الدولية، وضمانته المستقبلية لما بعد داعش؛ بإنتهاج سياسة وطنية بعيدة عن الطائفية والمحاور الدولية.