سيف أكثم المظفر
الاعتراف بالذنب فضيلة، وتصحيح المسار تُعد شجاعة، كونك تخوض حربا عالمية داخلية، ووصفها الاسلام، من أعظم انواع الجهاد، هوجهاد النفس، احيانا تبنى على قواعد متغيرة الهوى والطمع والغريزة وحب الشهوات، واحيانا تبنى على قواعد خادعة ووهمية، وصاحبها يكون موهوم، بسبب خداع والمكر الذي يحمله الخادع.
كنت من النوع الثاني، المخدوعين بالخطابات الرنانة، والنبرة الطائفية التي تعتلي المنصات، وادافع عنهم دفاعا مستميتا، حتى -دخلت في احد الايام القريبة من انتخابات ٢٠١- نزاعا قويا مع اخي الأكبر، ووصل الى مستويات مخيفة، داخل العائلة الواحدة، شجار وصوت مرتفع، وجدال، مع ان اغلب كلامه كان مقنع، لكني كنت متعصب لدولة القانون ولشخص المالكي.
بدأت الحملات الانتخابية، وبدء التثقيف للاحزاب والكيانات السياسية، علما اني لم اكن مرتبط بحزب الدعوة ولا دولة القانون لا من بعيد ولا من قريب، كنت من المعجبين كما هو حال اغلب العراقيين، الايجابية التي كنت اتبجح بها لمناصرة دولة القانون والمالكي وحنان الفتلاوي هي :(خوش يحجي)، لم استوعب اللعبة بعد؛ كون الجو العام كان مشحون طائفيا، بعد خطبة الجمعة التي طالب بها ممثل المرجعيا العليا بتغيير الوجوه، والمجرب لا يجرب... كأنها صفعة قد ضربتني، لكني بقيت على موقفي في العلن،وفي داخلي هناك صراع شديد.
حاولت ان اتواصل مع اشخاص قريبين من المرجعية، لكني لم احصل على جواب واضح، وكان اغلب الاجوبة هي ما يقال في خطبة الجمعة نفسه؟! قربت الانتخابات وما زال الغموض والغشاوة تغطي عقلي وفكري، دخلت في موجة صراع ثانية، عندما تعرفت على احد اشخاص المطبلين لقائمة القانون، واذهلت عند دخولي مقر دولة القانون في المحافظة، فوجدت ملاين البوسترات والحقائب والكتب وكل ما يستخدم في الدعاية الانتخابية، لو جمعت اموالها لعينت الاف الشباب العاطل عن العمل، في هذه اللحظة اصابني الذهول، واخذت مجموعة من البوسترات والكتب التي تمجد بقائد الضرورة، التي طبعت جميعها خارج العراق.
هنا انتابني شعور سيئ جدا، ذهبت الى البيت وعنادا مع اخي وزعت البوسترات دولة القانون في كل ارجاء المنزل، وكان من ضمنها رايات واقلام وشعارات، ثم رقدت على الوسادة وانتابني شعور غريب، هل انا على صواب ام اخي هو على صواب، اصبحنا يوم الانتخابات، وذهبت الى المركز الانتخابي، مع اهلي، و انتخبنا دولة القانون بكل نجاح، لم تشفع نفسي اللوامة في تغيير رأي، ولا حديث المرجعية ولا حديث اصدقائي.
يومها جلست اشاهد التلفاز، وذهني شارد في ما فعلت، حتى ارغمت نفسي في صباح اليوم التالي، وذهبت الى اخي الأكبر، وطلبت منه ان يوضح لي وجهت نظره، لكني لم اقتنع بكلامه، وهو علم بعدم قناعتي، فاقترح علي لقاء شخص يوصل لي الفكرة كاملة، بعد فترة التقيت بالشخص، واصبحت الأمور تنكشف تدريجيا، من طلب المالكي اعلان حالت الطوارئ، الى ظهور نتائج الانتخابات، ورفضه التنحي، وعدم تسليم الحكومة، كلها كانت منظفات لما علق في عقلي وعيني.
اليوم والحمد والشكر للباري وكل من علمني واعطاني الدروس لقراءة الضواهر السياسية، والمسرحيات التي يستخدمها البعض لنيل اصوات انتخابية، وهناك الكثير الذي ينتظرني كي اتعلمه في بحر السياسة العميق، وكنت اتمنى لجميع الشباب ان يعوا حجم المرحلة وقوة العدوا الحقيقي الذي يقف وراء هذه الاجندات الخارجية والداخلية، لم تكن معركتي سهلة، وخسرت بها كثيرا، وربحت اخيرا بقربي من مرجعيتي العظيمة، وقراءتي لخطواتها بكل ادراك وتمعن، فهي الاب الروحي لجميع العراقيين، وانها حقا امة في رجل.
https://telegram.me/buratha