فتنة استعمارية - صهيونية - قبلية - رجعية خبيثة تديرها عقول حاقدة ساخطة تعيشها الأمة في عصرنا الحاضر تنتهج سياسة "فرق تسد" بفتوى "التكفير"، تعود جذورها لمشروع نفاقي ألبس حلة ديمقراطية مرره بنو أمية الطلقاء عبر "سقيفة بني ساعدة"، بدافع الانتقام لقتلاهم ببدر وخيبر والخندق والنهروان والجمل وصفين و...؛ بدلاً من الالتفاف حول وصايا الذي "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" - سورة النجم: 3و4، لتعلو كلمة الاسلام وتصدح عالياً في سماء المعمورة وتعم الدنيا والبشرية بنعمة السماحة والتساوي والعدالة والسمو والرفعة والعزة الألهية .
أرتأوا أن يعيدوا الأمة الى الظلمة والجاهلية والقبلية وسطوة القوي على الضعيف لتحل الوثنية محل الوحدانية للخالق المتعال، ويضحى النفاق والشقاق والظلم والاستعباد والاستحقار والتزوير نهج وشيمة السلطويين منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا يعبثون بمقدرات وثروات ومقدسات الأمة، ناكرين وصية خاتم المرسلين (ص) الواضحة الدلالات والمعالم "أني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي فما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا"؛ فأبعدوا الأمة حق إعتلاء الوصي دون فصل الامام علي بن أبي طالب (ع) للقيادة، ونكروا له بيعتهم في "غدير خم" أمام عشرات آلاف المسلمين، فنهبوا السلطة بدلاً من قيادتها بواسطة الأمامة.
الامام الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهما السلام الذي نعيش هذه الأيام الخوالي ذكرى مولده المبارك الثالث من شعبان المعظم، هو ثالث أئمة الهداية الربانية وداعية نحو التغيير والاصلاح والهداية حيث بدأ صراعه مع الظلم والانحراف برفضه النزول على حكم يزيد حفيد آكلة الأكباد وقال كلمته الصارمة الحاسمة:"لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا آقر إقرار العبيد"، منبهاً بذك الأمة الى دور الامامة في الاسلام باعتبارها الحاكمية بعد النبوة المباركة التي تقود الناس على الطريق القويم والحؤول دون إنحرافهم على يد أبناء الطلقاء الذين بلغوا سدة السلطة بمكر وخديعة ودعوة للجاهلية والقبلية أنهاءً للرسالة المحمدية الأصيلة؛ وهي إمتداد يتسع لكلّ ما تتسع له النبوّة كما قال الرسول الأكرم (ص) مخاطبا وصيه أمير المؤمنين "يا عليّ أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي".
لا أحد على مرّ التاريخ الاسلامي تمكن ويتمكن من إنكار فضل أهل بيت النبوة والرسالة (ع) على الأمة وإستقامة الدين الحنيف، وليس هناك من يضاهيهم في هذا الفضل والكرامة لالهم ولا لمَن والاهم؛ وإن مَن جحدهم فهو ظالم منافق منحرف مزور مزيف لا يمت للاسلام بصلة.. والامام الحسين عليه السلام هو حفيد النبي الأكرم (ص) وأمام الأمة في عصره الذي كان فرض عليها مبايعته وإطاعته وتبعيته وكيف لا وقد سُمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول على مسامع المسلمين ومشاهدهم مرّاتٍ عديدةً: "حسينٌ مني وأنا من حسين"، و"مَن سرَّه أن ينظر الى سيّد شباب أهل الجنّة فلْينظرْ الى الحسين"، و"حسين سبط من الأسباط"، و"مَن أحبّني فلْيُحبَّ حسيناً". وخاطبه قائلاً: "إنّك سيد ابن سيّد أبو سادة، إنك إمام ابن إمام أبو أئمّة، إنك حجّة ابن حجّة أبو حُجج تسعة من صلبك، تاسعهم قأئمهم" - (مقتل الحسين عليه السّلام، للحافظ الموفّق محمّد بن أحمد المكّيّ الخوارزميّ 146:1. وذخائر العقبى 129، وسنن ابن ماجة ج 1 ـ المقدّمة 51 / الرقم 144، وترجمة الإمام الحسين عليه السّلام من تاريخ مدينة دمشق، لابن عساكر ص 81 / الرقم 113).
فجحدوا حقه كما جحدوا حق أخيه الامام الحسن ووالده أمير المؤمنين عليهما السلام من قبله، وقذفوه بتهم واهية حتى أفتوا بدينار حقدهم الأموي خروجه على "الولي الحاكم" وأهدروا دمه الطاهر ودماء أهل بيته وأصحابه المنتجبين الميامين ولم يستثنوا من ذلك حتى طفله الذي لم يبلغ الأشهر الستة من عمره، حقداً وكراهية وإنتقاماً من بيت النبوة والامامة في طف كربلاء سنة 60 للهجرة وسبوا نساءهم وأطفالهم، كما يفعله اليوم أحفاد أمية وشيعتهم في المسلمين بشق عصاهم وتفريق وحدتهم بعقائد وهابية تكفيرية سلفية مزيفة منحرفة تعيث الفساد في البلاد والعباد، في العراق وسوريا واليمن والبحرين وغيرها من بلاد المسلمين .
لم يشهد تاريخ البشرية منذ الخليقة وحتى يومنا هذا ملحمة أروع وأسمى وأرفع مما سطره أبي الأحرار الامام الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه الميامين في يوم عاشوراء بواقعة الطف، حيث رسم صرح ونهج ومدرسة الاباء والتضحية والفداء، وأرسى انتصار الدم على السيف، والحق على الباطل، والمظلوم على الظالم والطاغية، والحقيقة على التحريف والتزوير؛ ليتمسك بنهجه كل الأحرار والأباة والطامحين للحرية والاستقلال، والساعين لإعلاء كلمة الحق والوحدانية، محتذين بنهجه وتضحيته من كل طائفة ودين دون أن يقتصر على الشيعة لوحدهم ليسطروا الملاحم والانتصارات طيلة القرون الماضية.
هاهو "غاندي" مؤسس الهند الجديدة ورائد مسيرة استقلالها تكتسح صرخته الـتأريخ وتدوي في سماء الذين ينشدون العيش السليم والحرية وهو يقول:"لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين، شهيد الاسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء وإتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلابد لها من إقتفاء سيرة الامام الحسين"، مضيفاً:"لقد تعلمت من الحسين كيف أعيش مظلوماً فأنتصر".
وما الانتصارات الباهرة التي سجلتها المقاومة الاسلامية اللبنانية على عدو مدجج بالسلاح ذلك الذي كان يقال عنه "انه لا يقهر" وارغمته على الهروب والتقهقر في ظلام الليل الدامس من الجنوب اللبناني بكل ذل وهوان وإستهانة ومهانة وركون وركوع، وإفشالها مخطط "الشرق الأوسط الكبير" لتقسيم الأمة في سايكس بيكو جديد؛ وكذا ما حققته المقاومة الفلسطينية خلال حروبها الأخيرة، وانتصارات شعبي العراق وسوريا على الارهاب التكفيري الداعشي بكل ما أوتي من قوة ودعم أنظمة التوريث العربي النفطي، وما يحققه الشعب اليمني المظلوم من صمود ومقاومة وانتصارات على قوى تحالف العدوان السعودي الاميركي الصهيوني العربي الرجعي، وكذلك مواصلة الشعب البحريني مسيرته السلمية المطالبة بحقوقه المسلوبة ظل الاحتلال الوهابي السلفي التكفيري السعودي الاماراتي بدعم الاستعمار البريطاني العجوز والشيطان الأكبر؛ إلا نماذج تمسك هذه الشعوب وقياداتها الحكيمة بمنهج ومدرسة أبي الأحرار وسيد الشهداء الامام الحسين بن علي عليهما السلام؛ حيث النصر سيكون حليفهم في القريب العاجل وتندثر قوى الظلمة والظلامة أمام قوة إيمانهم وجبروتها .
https://telegram.me/buratha