مَثَّل الحشد الشعبي نقلة نوعية في المسيرة السياسية والاجتماعية للعراق, فمجاميع المتطوعين التي هبت للدفاع عن العراق بعد أن داهمه الخطر, كانت منطلقة من وازع ديني وأخلاقي ووطني, وليس لحسابات مادية أو ثأرية أو انتقامية.
تصدى مقاتلو الحشد لعصابات داعش الاجرامية, واوقعوا في صفوف هذه العصابات الهزائم تلو الهزائم, إلى أن تم طردهم من معقلهم ومن عاصمتهم المزعومة الموصل, وقد واجه الحشد لوقفته هذه أشد أنواع الاتهامات والافتراءات من الدول والقنوات الإعلامية الداعمة والراعية للإرهاب.
كل حملات التسقيط لم تثني من عزيمة المجاهدين, بل زادتهم اصرارا وتمسكا بمبادئهم واخلاقياتهم التي تربوا عليها, واتبعوا بدقة توصيات المرجعية وتوجيهاتها بضرورة الحفاظ على أرواح الأبرياء, ودعم المدنيين وتخليصهم من تحت نيران المعارك, حتى قالت -المرجعية – "واعلموا إن الحفاظ على أرواح المدنيين أولى من مقاتلة العدو".
تتعالى في الآونة الأخيرة صيحات لحل الحشد الشعبي, والحاقه بالجيش أو الأجهزة الأمنية الأخرى, وهذه الدعوات تنوعت مصادرها, فمنها ما صدر عن اطراف مغرضة, ومنها ما صدر من اطراف معادية, والأدهى منها ما يصدر عن الأخوة في الوطن والعقيدة.
هذه الصيحات يبدو أنها تناست أن قوات الحشد الشعبي الآن أصبحت مؤسسة حكومية رسمية, بعد تصويت البرلمان على قانون الحشد الشعبي, وهي جزء لا يتجزأ من القوات الأمنية, وهي قوات مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة وتأتمر بأوامره.
إن الحفاظ على الحشد الشعبي هي مسؤولية وطنية وحاجة ملحة, لما تمتلكه هذه القوات وبهذا الاسم من رمزية ارتبطت بالانتصارات وبالعقيدة, وبكل القيم الاسلامية والأخلاقية, وهي كيان محترم حظي بتقدير واعجاب البعيد قبل القريب.
https://telegram.me/buratha