المقالات

هل تخلى الغرب عن مسيحيته حتى نتخلى عن إسلامنا؟!

3080 2018-02-11

قاسم العجرشqasim_200@yahoo.com

الذين هم اليوم بأعمار تجاوزت الخمسين عاما، يتذكرون كيف كانت الأحوال الإجتماعية، في العراق وفي ما حولنا؛ فقد كانت مدينة بغداد خصوصا والمحافظات عموما، تعج بملاهي الفجور الليلية، وبمحلات شرب الخمور، ولغاية ستينات القرن الماضي، اي قبل خمسين سنة، كانت إحدى محلات بغداد القديمة، والواقعة في منطقة الميدان، تحتوي على دور للبغاء مرخصة رسميا..

في تلك الأيام؛ كنت لا ترى نساءا محجبات، إلا في مدن الوسط والجنوب، وكان السفور شيئا شائعا، والفتيات كن يرتدين التنورات القصيرة جدا..

فما الذي جرى، وتغير الحال الى ما هو عليه اليوم؟!

ثمة دراسة نشرتها فورين أفيرز قبل ثلاثة أعوام ‏، توصلت الى نتائج مهمة، تتعلق بأنتشار التدين في المجتمعات كافة، ومن بين أهم تلك النتائج؛ أن التدين ينتشر في العالم‏, وأن ‏ العالم يعود الآن الى الأديان والعقائد‏، وأننا بتنا نرى مظاهر هذه العودة في بلاد شتى، ومناطق عدة مسلمة ومسيحية وهندوسية وغيرها‏، وأن دور الدين يزداد في العلاقات الدولية، كما في التفاعلات الداخلية لكثير من الدول‏.

‏ دراسات أخرى لمعاهد بحوث إستراتيجية غربية، تناولت هذه العودة من جوانب وزوايا مختلفة‏,‏ ومنها تلك التي ترى؛ أن العولمة تدعم هذا التطو،ر وتوفر الوسائط اللازمة لدور جديد للدين‏.‏ 

يحدث ذلك ليس في الشرق فقط؛ ولكن في الغرب‏ ايضا,‏ وهذا مؤشر جديد؛ على أن النموذج العلماني، الذي ارتبط صعوده، بقيم عصر ما بعد الثورة الصناعية، يفقد جاذبيته يوما بعد يوم‏،‏ ولقد تبين أن العقل يفسد مثلما يصلح‏,‏ ويدمر مثلما يعمر، وثبت أن العقل لا يقود دائما الى العقلانية‏.‏

 كان من نتيجة ذلك؛ أن بلاد الغرب تعود عودة بطيئة ولكنها مضطردة، الى المسيحية وقيمها‏.‏

الإحياء الديني الأقوى والأوسع يحدث هنا، في الشرق المسلم؛ حيث الصحوة الأسلامية التي بدأها الإمام الخميني"رض" عام 1979، عندما قاد ثورة الشعب الإيراني، ضد طغيان شاه إيران، وحيث نشهد تغيرا متسارعا، في أولويات الهوية وتوصيفاتها، وتتخلق هوية جديدة لمجتمعاتنا، هي تلك التي نحن عليها اليوم، نختلف عن ما كان عليه آبائنا، فضلا عن عدم شبهنا لإجدادنا بشكل قاطع! 

لم تختلف المظاهر والملبس والمأكل والمشرب، بل أختلف سلوكنا وتصرفاتنا، والمحصلة أن عقولنا قد أختلفت؛ عن عقول أسلافنا القريبين، وفي هذه التغيرات تزاحمت القيم، ودفع بعضها بع، لينحيه ويحل محله، بدون أن تثار اسئلة مثل: أيها قبل الأخرى؟ أيها معدنه محلي وأيها غريب أجنبي؟..أيها راسخ، وايها متنحي؟ أيها مكتسب، وأيها أصيل؟..أيها حقيقي، وأيها زائف؟ايها أثبت، وأيها زائل؟..أيها أجدى؟.أيها...أيها؟

لقد جرى كل شيء دون إثارة، لكن الظاهرة الأهم؛ هي تديين السياسة، الذي يسميه العلمانيون تسييس الدين، وهي تسمية؛ تنطوي على إمساك النتيجة من ذيلها!

العلمانيون يضعون النموذج الغربي للدولة دائما؛ كمعيار للمقايسة، وبصرف النظر عن إختلاف الواقع، بين الشرق المسلم والغرب المسيحي، الأمر الذي يجعل المقايسة خاطئة، إن لم تكن غير ممكنة، لكنهم في مقايستهم يقعون في خطأ كبير، ينطلق من وهم أن الغرب عندما بنى دوله، قد تخلى عن مسيحيته، والواقع أنه يوما بعد يوم يتمسك بمسيحيته، ويضعها أولوية قصوى في تعريف هويته... 

كلام قبل السلام: تكريس ثقافة التعايش يتم برفض أدعاء احتكار الحقيقة.. !

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك