المقالات

صراع الشرق الأوسط صراع مصالح أم صراع عقائد؟!


 

امتازت منطقة الشرق الأوسط, بأنها منطقة صراع واضطرابات, وكانت على مسار تاريخها الوجودي منطقة ملتهبة, وتكاد لا تمر مرحلة زمنية من عمر هذه المنطقة, إلا ونجد فيها هزات عنيفية من الحروب وعدم الاستقرار. 

الواضح من خلال قراءتنا للمشهد التاريخي, أن منطقة الشرق الأوسط تمثل قلب العالم, وما أعطاها هذه الميزة هو ما تتمتع به هذه المنطقة من إمكانات اقتصادية وبشرية هائلة, فبالإضافة إلى النفط –المصدر الأول للطاقة- تمتلك المنطقة كثير من الموارد الاخرى كالزئبق والفوسفات وغيرها, وكذلك تتمتع بإمكانية اقتصادية وغنى بمصادر الطاقة النظيفة كالشمس والوفرة المائية. 

تيقنت الدول الاستعمارية, إن السيطرة على هذه المنطقة الحيوية, وما تملكه من موارد, يعد الممهد للسيطرة على العالم, ويجعل تلك الدول –الاستعمارية- القطب الأوحد في الكون. 

تأثير دول الشرق الأوسط الجيوسياسي, جعلها مهد أطماع القوى المتصارعة على النفوذ العالمي, لذا دوما ما نجد هذه الدول وكما اسلفنا في مهب النزاعات. 

اخضاع الناس في مكان جغرافي صعبٌ جدا, وغريزة الدفاع عن النفس ضد المعتدين هي غريزة وجدانية فطرية, كما أن التدخل المباشر للدول الاستعمارية يؤدي الى خسائر كبيرة في مواردها الاقتصادية والبشرية, لذا بحثت تلك الدول عن وسيلة أو منفذ للولوج إلى هذه المنطقة, واخضاعها عن بعد وبأدوات من داخل المنطقة نفسها. 

كانت فكرة احياء الموروث الديني, هي الفكرة الأنجع لتلك الدول المستعمِرَة, وبالحقيقة هو ليس احياء للموروث الديني العام, بل هو احياء للموروث الخلافي الديني, واستغلال نقاط التقاطع بين الاديان والطوائف -والتي سفكت بسببها كثير من الدماء على مدار السنين- واستثمارها لإخضاع دول المنطقة بشكل عام. 

كانت فكرة انشاء الحركة الوهابية في منطقة نجد, هي الحل الامثل لترويض شعوب المنطقة وتدجينها, وقد تزامن تشكيل هذا الكيان التكفيري, مع انطلاق الثورة الصناعية في اوربا, في القرن الثامن عشر الميلادي, وبطيعة الحال فان المكننة الحديثة التي رافقت النهضة الاوربية, تحتاج الى مصادر طاقة كبيرة وكثيرة, ولا خيار أفضل من الشرق الأوسط للحصول على إمدادت الطاقة. 

دجنت الحركة الوهابية اتباعاها باتجاه القبول بما يراه ويقوله الحاكم, وإن كان مخطئا, وبطبيعة الحال فان الحاكم سيكون رهن ارادات المستعمرين الجدد. 

كانت الطائفة الشيعية هي الجهة الوحيدة التي رفضت افكار الغربيين وخططهم الاستعمارية, وكانت أهم حركات المقاومة هي حركات شيعية, وبقيادات علمائية, ولا سبيل لإيقاف هذه المقاومة الا بخلق ضد نوعي ليوقفها, ويكون بديلا عن المستعمرين في التصدي لحركة المقاومة, وهذا ما فعلته الحركة الوهابية بالضبط. 

استغل الغرب والمتمثل بقيادته الجديدة (امريكا), الحركة الوهابية بشكل كبير في الحرب الباردة, للتصدي للاتحاد السوفيتي, حيث انشأت حركات مقاتلة باسم يدغدغ مشاعر المسلمين, وهو الجهاد, فكانت الحركات الجهادية تعلن النفير العام لمقاتلة الروس في افغانستان, ودعت إلى ما يسمى بالهجرة للثغور, والتحق آلاف المقاتلين من دول شتى بهذه الحركات. 

كان انشاء الكيان الصهيوني, ضمن المخطط العالمي للاستحواذ على الشرق الاوسط, ولأن هذا الكيان كان في مرمى نيران المقاومة, لذا تم استثمار الحركات السلفية مرة اخرى, لتقف عائقا أمام الاطاحة بالدولة المُغْتَصِبة, فتوجهت بوصلة الصراع باتجاه الطائفة الشيعية, من خلال اصدار فتاوى تكفير الشيعة, من قبل علماء الوهابية, وأن مقاتلة الروافض أولى من مقاتلة الصهاينة. 

لم تكن مشكلة الشرق الأوسط مشكلة عقائدية تماما, بل تم استثمار الخلاف الديني لتحقيق أهداف سياسية في السيطرة على المنطقة, وإن من الوهم اعتبار ما يحدث في الشرق الاوسط هو صراع ايدلوجي, الحقيقة إن الاختلاف هو اختلاف سياسي واستعماري, اختلاف مصالح ومطامع, وإن قطبي الاختلاف هما روسيا وأمريكا, حيث دعمت روسيا حركات المقاومة لتبقي لها على موطئ قدم في المنطقة, وخصوصا بعد مشاكلها مع الاوربيين والحصار المفروض عليها, بينما دعم الغرب وامريكا الطرف السلفي التكفيري, ليكون وجه المدفع في التصدي لحركات المقاومة, والمروض لكل فكرة دفاع عن قضايا المسلمين. 

لو نظرنا للمشهد بصورة مقلوبة, لراينا صحة افتراضنا إذ أن الشيعة لو دخلوا تحت عباءة امريكا واسرائيل, لما راينا هذه الحرب باتجاه ايران ومحور المقاومة, ولما راينا هذا الود تجاه الحركات السلفية التكفيرية. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك