أمل الياسري
ذات مرة قال الشيخ خالد الملا رئيس هيئة علماء العراق: (قُتل الآف الشيعة ودُمرت مساجدهم ومقدساتهم في سامراء، ولم يفتِ مرجعهم بالقتال، وحين دخلت داعش مدينة سُنية أفتى المرجع بالجهاد)، أما أهل التشكيك، والثرثرة، والتثبيط، فكانوا يقولون أن داعش قادمة لإسترجاع الحقوق، والحكم بالسُّنة النبوية، وقالوا أنهم أفضل من الحكومة، والدولة، والجيش، وأن حياة الموصليين ستتحسن، ولكن بعد أيام أصبح الأمر مكشوفاً، فهم أناس دخلاء همج رعاع، أرادوا أخذ أراضينا، وإغتصاب دورنا، وهتك أعراضنا، وتدمير مقدساتنا.
يجب أن يفهم العراقيون كيف تحول التحدي الى فرصة للنصر، والإنكسار لإنتصار، والمحنة لمنحة، والهزيمة لعزيمة، والعَبرة لعِبرة، وأن يستوعب الجميع مقدار التضحيات، التي وُهِبت للدفاع عن الأرض والعرض، وفي مقدمتها صاحب الفتوى العظيمة، السيد الإمام علي السيستاني (دام ظله الوارف)، فلولاه لما كان الصبر ولما تحقق النصر، فكانت فتواه من قلب الحدث، لأن الغزو والإستباحة حدثت في مدن سُنية، ولذلك صدح صوته نصرة لأخوتنا وأنفسنا، فلا عودة لداعش ولا لظروف تصنعهم، وطوبى للفتوى وحشدها.
قد تكون شروط الحياة في الموصل الحدباء، اليوم صعبة في ظاهرها، لكنها في عمقها الوطني والإنساني، سحبت البساط من تحت المتآمرين، الذين طالبوا بحل الحشد ووصفه بالمليشيا، لقد بات موقفه واضحاً فأنتَ عندما تتحدث عن نينوى، فإنكَ تتحدث عن العراق المصغر: (عرباً وكورداً، سنة وشيعة، مسلمين ومسيحيين، وصابئة وتركماناً، وأيزيدياً وشبكاً)، وتتكلم عن الموصل، وتلعفر، وسنجار، والبعاج، والحمدانية، والزنجيلي، أيسرها، وأيمنها، ونحدثكم بأننا نتقاتل لأجلكم، وعندما ننتصر فالمشروع الوطني سينتصر، حتى يحيا الباقون بحياة المشروع.
أمريكا حريصة كل الحرص على إبقاء داعش وأخواتها، كالخنجر المسموم في الجسد الإسلامي، كما يتخذونها ذريعة للتواجد في قلب المنطقة العربية، عن طريق قواعدها العسكرية براً وجواً، وهذا ما لن ترتضيه قوى الحشد المقدس، حيث أمنّت الحدود وقضت على الدواعش، وهذا بحد ذاته يخلق خط مواجهة جديد، بين الحشد وأمريكا وحلفاؤها الحمقى، لذلك تلجأ أمريكا لضرب تجمعات الحشد، لزعزعة إستقرار المناطق الحدودية، بمحاولة يائسة لتسلل بعض كلابها للأراضي العراقية، لكن هيهات أن يكون لهم ذلك.
إذا كان فن السياسة معناه خدمة الناس فهذا هو الدين، وتعني يا سياسي:إن معياركَ في العمل السياسي خدمة الناس، وبخلافه أنتَ لستَ سياسياً ولا متديناً، لذا وفي ضوء مرحلة الإنتصار على دولة الخرافة، فعلينا الإنفتاح على الشريك الواقعي للوطن، فقدرنا العيش معاً لننطلق نحو التعايش على أرض تسعنا جميعاً، وأن ندير تعددنا الجميل وإختلافنا الأجمل، بعيداً عن المصالح الضيقة والمتاجرات الرخيصة، والمزايدات البائسة، فلا خير في حسن الجسوم وطولها، ما لم تزن تلك الجسوم عقولا!
لنحرص على أن يكون موقفنا موقف عز وفخر، وننسى محطات الإخفاق، فعندما تكون الأمة في مواجهة مصيرها وأمام مفترق خطير، لا يعود هناك مجال للحسابات الضيقة، ولا يمكن القبول بأنصاف الحلول، فالعراق عظيم لتتحطم على صخور عظمته، كل النرجسيات الشخصية، ولا يمكننا التضحية بمصير أجيال قادمة فالمهم أن يستمر المشروع، وعليه فهيئة الحشد الشعبي لن تتهاون أمام خروقات أخرى، بدعوى الخطأ وعدم التنسيق، والأمر مناط بالحكومة أيضاً، فالشرفاء متفقون على إخراج الأمريكان من أرضنا نهائياً.
https://telegram.me/buratha