أمل الياسري
الإنتخابات كلمة لا تدل إلا على مغانم السلطة والمال، وتحقيق العدالة الكاذبة، وهذا في نظر العراقيين واليوم تحديداً، وكأن الكلمة تعيش صراعاً إسمياً لا يلائم الجميع، فمنهم مَنْ قضى نحبه، ومنهم مَنْ ينتظر وما بدلوا تبديلا، فبعض الناس ما يزال يرى في الإنتخابات، سوقاً رائجة لعرض بطولاته الإحتجاجية، حتى وإن كانت تعني خسارة في الأرواح، على أنه هناك طرقاً أخرى لنيل المطالب، غير غلق الشوارع وقطع الأرزاق، فالتغيير والثورة على المجتمع مطلب جميع العراقيين.
بعض آخر يثبت ولاءه الحقيقي في سوح الوغى، دفاعاً عن الأرض والعرض، وهؤلاء أسمى من أن يتقاتلوا على منافع فئوية، وبعض لا يسمح بإعادة عقارب الساعة للوراء مرة ثانية، ليعود العراق لمربع الطائفية المقيتة، وقسم رابع يحاول التشبث ولا يرحل بوجهه الكالح عن البلد، وآخرون ينفذون أجندات لمخابرات دولية، وإقليمية، وخليجية، وياعجباً من هؤلاء! فبدت تداعيات نتائج الانتخابات، وكأنها مهرجان للتبضع بأجساد الأبرياء من كربلاء والأنبار، وقد يحول الإرهاب البغيض وطننا، لعرش عائم على الدماء!
صحيح أن المفوضية السابقة للإنتخابات، يشوب عملها شبهات فساد، وعليها بعض المؤشرات، علاوة على بقائها لفترة طويلة من الزمن، مخلفة وراءها إنحيازات لبعض القوى المتنفذة، لكن ذلك لا يمنع من كون مهامها قد إنتهت تلقائياً يوم (20/9/2017)، وبذلك سيتم إنتخاب هيئة مستقلة جديدة للإنتخابات، مع أن المفوضية الجديدة ليست بأحسن من سابقتها فهي لم تدرك حجم العمل الملقى على عاتقها، مع وجود الخبرة كما يفترض، لذلك حدث ما حدث من إرباك وخرق.
المفترض في التجربة الديمقراطية الجديدة، أن يعيش فيها الشعب العراقي، في حالة التطور وليس التدهور، وما يحصل هو: أنه بمجرد قرب حدث عراقي كالإنتخابات، فالعراق تحصل فيه خروقات وإنتكاسات أمنية، لا يدفع ثمنها إلا الأبرياء، والقوى السياسية تتصارع مع بعضها، كل يشد الحق صوبه، وقد أشارت المرجعية الرشيدة في خطبة الجمعة (29/6/2018) الموافق (14 شوال 1438 للهجرة) بقولها: ليس من الصحيح التغاضي عن رسم خطط للقضاء على العصابات الإجرامية وتوفير الأمن، والإنشغال بنتائج الإنتخابات والتحالفات.
التحولات الجديدة منذ عام (2003) والتي يشهدها العراق، من المفترض أنها تسير بمصلحة العملية السياسية وليس ضدها، مع إعطاء الأولوية القصوى لقضية الأمن، فلها تأثير مباشر على نجاح الإنتخابات، حيث تسفر عن تغيير في الوجوه السياسية، التي ملَّها الشارع العراقي، ولم يحصد من ورائها إلا الفوضى والفساد، هذا إن عقد الساسة عزمهم على إنهاء ملف الخلافات حول المناصب بدل أن يدفع الأبرياء ثمن مناكفاتهم التافهة، عندها سيعُلن النصر الحقيقي فالحرب على داعش لم تنتهِ.
https://telegram.me/buratha