المقالات

أزمة الطحين وأزمة الأخلاق

2385 2018-07-09

خالد غانم الطائي
قال تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) كما قال: (وَمَا أَصَابَك مِنْ سَيِّئَة فَمِنْ نَفْسك) في إشارة واضحة صريحة إلى أن ما يمر على العباد أفرادا وجماعات إنما مرده إلى أفعالهم، وبخاصة ما يبتعدون من خلالها عن مرضاة ربهم وخالقهم.
من أجل ذلك نرى أنه قد تمر أحيانا أزمة في مادة ما كالطحين فتصيب هذه المادة الشحة والقلة في الأسواق والبيوت، وحال الناس في ذلك لا يحمد ولا يحسدون عليه فكلامهم في ذلك لا ينفك عن التواصل ليل نهار في محاولات جاهدة لتوفير الطحين كونه مادة أساسية في القوت اليومي للفرد ولا مناص في البحث عنها وتوفيرها لان تحقيق الأمن الغذائي من أهم أهداف الإنسان التي يسعى لتحقيقها والحصول عليها وقد يحاولون البحث عن بدائل لملء الفراغ وقد يعتـمدون منهاجا مقننا لترشيد الاستهلاك في المادة الشحيحة.
إلا أن الملاحظ حصول أزمة كبيرة وواضحة وطويلة الأمد في جانب مهم وحيوي من جوانب حياة الإنسان المسلم على وجه الدقة والتحديد وهي أزمة الأخلاق التي باتت تنخر في عموم المجتمعات ومنها الإسلامي بسبب الهوة والفراغ والمسافة التي أخذت بالاتساع تدريجيا حتى بان الفرق واضحا بين الإسلام والمسلمين ، حيث أصبح الإسلام في جانب والمسلمون في جانب آخر بسبب حملهم لعناوين الإسلام وتركهم روحه ومضامينه، وتمسكهم بالقشور دون الوصول إلى اللباب.

وقد أدى ذلك إلى تعرضنا للفتن التي تموج بنا وجاءتنا كقطع الليل المظلم حالكة السواد، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نصل من خلال تأدية الصلاة إلى إقامتها، فقد ورد في القرآن الكريم عن إبراهيم الخليل (عليه السلام) قوله تعالى: رب اجعلني مقيم الصلاة) كما جاء في الزيارة للإمام الحسين عليه السلام : أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة) وما ذلك إلا لان إقامة الصلاة تؤثر في العبادة عامة، والصلاة مفتاحها حين تنبع من روحية الإنسان حتى يصل من خلالها إلى العروج الروحي نحو الله تعالى، كما جاء في الحديث النبوي الشريف ( الصلاة معرج كل مؤمن) وقد سئل احد الأئمة المعصومين عليهم السلام عن علامة قبول الصلاة من المصلي فقال: إذا نهتك صلاتك عن الفحشاء والمنكر فهي صلاة مقبولة).

من هنا يفترض في العبادة ان توصل صاحبها إلى الغاية، فالعبادة وسيلة والوصول إلى مكارم الأخلاق هي الغاية لقول النبي( صلى الله عليه وآله وسلم) (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، كما أن من معاني الاستخلاف في الأرض هو حمل الأسماء الحسنى التي يريد الله سبحانه أن يربينا بها تربية إلهية تخرجنا من دائرة التربية الشيطانية والتي يمثل محورها ويدور رحاها في الأسماء السوئية.

وبنحو آخر من القول يمكن التعبير بأن هناك نوعان من الولاية هما ولاية الخير المطلق المتمثلة بالآية الكريمة (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) وبالمقابل هنالك الولاية الشيطانية ( والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) والملاحظ في هاتين العبارتين أن كلمة النور وردت بصيغة المفرد وذلك لأنه كله من الله الواحد الأحد، وأما الظلمات فقد وردت بصيغة الجمع لأنها متأتية من الشيطان وأتباعه.

وفي خضم هذه الأزمة الأخلاقية لا نجد إلا قليلا ممن وفق إلى الخير في استشعار الخطر المحدق بنا نحن المسلمين واستفحال الأزمة القائمة التي لا يحدها زمن فنقول ستنقضي بل هي دائمة مستمرة بل وفي تنام مضطرد يوما بعد يوم، وخاصة مع وجود شتى أنواع الغزو الثقافي التي دخلت علينا أخص أماكن بيوتنا من دون استئذان بل وبتسليم تام من قبلنا رغم ترديدنا بان حرب العولمة جارية على قد وساق وبألوان متعددة وأساليب متنوعة.
وإن السبيل إلى القضاء على هذه الأزمة الخطيرة هو رجوع الناس إلى التمسك الحقيقي بتعاليم الإسلام واخذ المضامين بالإضافة إلى العناوين فعلينا الوصول إلى اخذ اللب مع الاستفادة من القشر فغاية العبادة كما أسلفنا هي التحلي بمكارم الأخلاق.
كما وليكن الهدف الأسمى الذي نضعه نصب أعيننا هو الأخلاق الحسنة لا غير، فقد ورد عن النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا) وما أسمى وأروع وأجمل وأعظم من هذه المنزلة وهذا القرب ولا نغفل عن أننا نأكل لنعيش ولسنا نعيش لنأكل، كما وليكن عيشنا كله لغاية واحدة هي مرضاة الله تعالى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك