المقالات

مدارس للتربية..!

1625 2018-07-18

 

مجيد الكفائي
لازال قطاع التربية والتعليم في العراق يراوح في مكانه ولحد الان لم تصل اليه روح التغير ولم تمتد اليه بعد يد التطوير والتحديث فكل شيء فيه باق على حاله ابتداءً من بنايات المدارس وتصاميمها والتي حافظ اغلبها على الشكل القديم والطراز المعماري الثلاثيني الذي يشبه الى حد كبير طراز بناء السجون والمعتقلات مرورا بالمناهج الدراسية والوسائل التعليمية والايضاحية والتي ظلت على حالها ولم تتأثر بالتطور العلمي والتكنلوجي الذي يعيشه العالم ولم تتأثربه, وانتهاء بالكوادر التدريسية و التعليمية والادارية التي تمارس بيروقرطية مزعجة في ادارة وتسيير العملية التعليمية.
وزارة التربية العراقية، التي سميت خطأ بهذا الاسم، تمارس دورا تربويا محضا غير مكترثة بتردي التعليم في مدارسها ولا بانخفاض معدلات النجاح ولم يشغلها على ما يبدو تسرب المئات من التلاميذ والطلبة من مقاعد الدراسة هربا من جور وتعسف ادارات مدارسها وكوادرها التدريسية والتعليمية والتي بدات تبدع وتتميز وتتلذذ في استخدام العنف والايذاء البدني والنفسي مع طلابها وتلاميذها لتتحول بعض مدارسها الى اجهزة قمعية تُسلَب فيها الحريات وتُصادَر داخلها الاراء ويُعذَب فيها الابرياء. 
وزارة التربية العراقية يبدو انها ادركت اهمية وتأثير القسوة والتسلط والعنف والقيود على تعكيرنفسية ومزاج طلبتها وتلاميذها وقدرة تلك الوسائل "العجيبة" على " تنفيرهم" من العلم والتعليم والمدارس لذلك بدأت تتفنن في ايجاد واستحداث الاساليب الطاردة والقوانيين "المنفرة" للطلبة والتلاميذ وعلى مختلف مستوياتهم العمرية واخذت تفرض يوما بعد آخر المزيد من القيود "التربوية" الصارمة على حرياتهم الشخصية وافكارهم ورغباتهم الطبيعية ابتداء من التدخل في شكل ولون الملابس وقصات الشعر واشكال الاحذية وانتهاءً بأستخدام اساليب العقاب والايذاء البدني والنفسي وبشكل مفرط او بفرض افكار و"تربية" تعتقد بعض الكوادر التعليمية وادارات المدارس اجتهادا منها انها صحيحة ومثالية مثل اجبار الطالبات على ارتداء الحجاب غير الملون ومنع اطالة الاظافر او وضع المكياج وصبغ الاظافر والاكسسوارات من قلائد وقراصات شعر وغيرها بحجة مخالفتها للدين وخروجها على عادات وقيم المجتمع العراقي. 
وزارة التربية التي يجب تغير اسمها الى وزارة التعليم حتى لاتزج نفسها في مثل هذه الامور وتتعدى باسم التربية على حرية الطلبة والتلاميذ، ذكورا واناثا، وتربي لهم عقدا واحقادا وضعفا في الشخصية، تنسى ان واجبها الاساسي هو التعليم والارتقاء به وتخريج جيل متعلم وسليم ومعافى وكوادر علمية مقتدرة ترتكز على اسس علمية ونفسية صحيحة. كما تنسى ان العالم يتطور وان برامج التعليم وطرق واساليب التدريس يجب ان تتطور تبعا لذلك وان على الوزارة ان تنتقي احدث البرامج وافضل الطرق والأساليب التدريسية الحديثة كي تمكِّن الطالب والتلميذ العراقي من الحصول على الثقافة والفنون والعلوم بسهولة ويسر وتحقيق النجاح والتفوق وهذا غاية المؤسسة التعليمية وسبب انشاء المدارس.
ان التربية الخالصة هي من مهام الاسرة حصرا وان تقمُّص وزارة التربية لهذا الدور "التربوي" ونسيانها لدورها التعليمي يسبب ارباكا للعملية التعليمية ويولد حالة من الفوضى لدى الطلبة والتلاميذ خصوصا حينما يجدون تناقضا بين ما تدعوه اليه اسرته وبين ماتدعوه اليه مدرسته سيما وان بعض الادارات والكوادر التعليمية تأخذ على عاتقها مسؤولية وضع قوانين تربوية ارتجالية وغير صحيحة وتقوم بفرض قواعد سلوكية خاطئة على طلبتها وتلاميذها دون الرجوع الى الوزارة او حتى مديريات التربية في المحافظات وكأن ادارة المدرسة ومزاج مديرها وافكاره هي اشياء مقدسة واجبة التطبيق وان اختلفت مع قواعد التربية الصحيحة والسلوك المتحضر او تباينت مع عادات وقيم الاسرة الخاصة.
الاسرة العراقية وحدها من لها الحرية المطلقة في تربية ابنائها وفق ما تراه مناسبا ومتفقا مع قيمها الخاصة وفهمها لأحكام الدين او مبادىء التعليم وعلى وزارة التربية ان تفهم ذلك وان تهتم اولا واخيرا بالتعليم وهو ما وُجِدت من اجله وان تطوِّره وتوفر لطلبتها وتلاميذها المدارس النموذجية بناءً وتجهيزا وكوادر وان تبدأ بتغير جذري للمناهج الدراسية والطرق التدريسية البدائية القائمة على اساس العنف والقهر والاذلال والايذاء وزرع العقد النفسية وان تتوخى الدقة والحذر وتعتمد المعايير الصحيحة في اختيارالكوادر التعليمية والادارية للمدارس وان تتجه بشكل جدي لتشكيل منظومة تعليمية متطورة ابتداء من اقتراح قوانين عصرية تنهض بالعملية التعليمية وترتقي بها، وانتهاءً بتطبيق نظام تعليمي متطور يعتمد التكنلوجيا الحديثة واحدث ما توصل إليه العلم من وسائل لايصال المعلومة إلى الطالب بدقة وسهولة ودون ارهاق او تضييع للوقت والجهد وان تحجِّم من دورها التربوي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ايمان علي المحمداوي
2020-07-21
احسنت دكتور هذا هو واقع حال وزارة التربية العراقيه المتردي
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك