سجاد العسكري
قال المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء(رضوان الله عليه ): بُني الإسلام على كلمتين: كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة، لايخفى على الانسان الناضج ما لرجال الدين من فضل، وفضيلة وقد يختلف الاسلوب مابين المجتهدين؛ ولكن الهدف واحد، وهذا مايغيظ اعداء المرجعية، لأتحاد اهدافهم، ويذكرنا بقصة اتحاد هدف عظيم، وهي قصة تحريم التنباك عندما افتى المجدد الشيرازي بتحريم التنباك بسبب احتكار البريطانيين لهذا المنتوج.
توسل الإنجليز بكل الوسائل الممكنة لإفشال التحريم، ومن جملة أساليبهم أنهم حاولوا إلقاء الفتنة بين العلماء الأعلام؛ فقد حاول الاستعمار البريطاني أن يشعل الفتنة بين المجدد الشيرازي وأحد كبار المراجع هو الشيخ زين العابدين المازندراني الذي كان له مقلدون كما للمجدد الشيرازي.
كان الشيخ المازندراني في مدينة كربلاء المقدسة، بعث إليه السفير البريطاني رسالةً خاصةً، يبدي فيها رغبته في زيارة الشيخ، في الوقت نفسه أوعز السفير البريطاني إلى جماعة من رجالاته المرتبطين بالسفارة الحضور في بيت المازندراني وتأييد ما يقوله السفير,وبالفعل حضر السفير في اليوم المقرر للزيارة إلى بيت الشيخ المازندراني وبعد المجاملات الدبلوماسية.
توجّه السفير إلى الشيخ قائلاً له:إني سمعت أن هناك حديثاً عن رسول الإسلام محمد بن عبد الله يقول فيه:(إن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرامٌ إلى يوم القيامة) فهل هذا الحديث صحيح؟ قال الشيخ: نعم، ومؤكد أيضاً؛ عند ذلك قال السفير منتهزاً الفرصة: فهل التنباك حلال أم حرام، فإن كان حلالاً في الشريعة الإسلامية فكيف يحرّم اليوم، وإن كان حراماً فكيف حلّل قبل ذلك؟ فانبرى المرتزقة الذين أحضرهم السفير، فأيَّدوا كلام السفير؛ ليؤثّروا في جواب الشيخ المازندراني.
لم تنطل الخدعة على الشيخ المازندراني، فقد كان أذكى من السفير البريطاني، فقد أجابه بهذا الجواب:إن الحديث صحيح، والتنباك كان حلالاً إلى ما قبل فتوى المجدد، أما بعد الفتوى فهو حرام، ذلك لأن هناك حديثاً آخر عن الرسول الأعظم وهو أن (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) فإذا صار الواجب أو الحلال ضررياً، ارتفع حكمه، ومثاله: أن الصوم واجب لكن إذا صار ضررياً، سقط وجوبه ...والتنباك قبل الانحصاركان حلالاً، لكن بعد منح الامتياز للبريطانيين، صار مضراً للمسلمين، ولذا أصبح حراماً، وأفتى بذلك المجدد، ونحن نؤيده ومتى ما تم إلغاء الامتياز، عاد الحكم إلى حالته السابقة من الحلية.
هكذا فشلت محاولات البريطانيين في إيجاد ثغرة بين العلماء ببركة اتحادهم وتعاونهم وتآزرهم، وبهذا الاتحاد العظيم والامتثال والطاعة لرؤية المرجعية اضطر الإنجليز إلى الانسحاب وإلغاء الامتياز.
ليتكرر ثبات علمائنا واتحادهم فالامام السيستاني في العراق، والامام الخامنئي في ايران فكلا في دولة لها تاريخها وبعدها الحضاري، فكل واحد منهما يواجد الخطر باسلوبه الخاص المسدد، فاختلاف ادوارهما في بناء امة قادرة على الدفاع عن خصوصيتها مع بناء فكري عقائدي يحفظ للجميع طريقة تفكيره البناء لخدمة مصالح الامة الواحدة ؛ لينتج وحدة واتحاد الهدف مع تعدد ادوارهما.
كذا باقي الفقهاء، فالعراق وايران كانتا تحت حكم ظالم وجائر وبفضل الرؤية الثاقبة لمؤسس الثورة الاسلامية الامام الخميني استطاع القضاء على حكم الشاه،ويؤسس لحكم اسلامي اصيل، وتبلورت نفس الفكرة للقضاء على الحكم الصدامي في العراق ؛ لكن الظروف مختلفة عن ايران، ادى الى اعدام الشهيد الصدر، وشن حرب على الثورة الفتية للتخلص منها، ولهذا اليوم الحرب قائمة على قدم وساق ؛لكن هيهات هيهات لهم ذلك. اليوم الهجمة شرسة من وحوش لا تعرف الرحمة لطائفة طالما عرفت بسلميتها ودفاعها عن حقوق اوطانها اينما كانت.
العراق منذ 2003م يواجه التحديات صعبة كانت للمرجعية الدور الكبير في تخطي الكثير من العقبات، فعندما تخلى جميع الاشقاء عنه، وجد المرجعية في ايران تدافع، وتدعم المرجعية في العراق والمظلومين، فاذا صرح السيد السيستاني فان السيد الخامنائي يدعم ماصرح به، فعجز الاعداء من ايجاد صدع بينهما، فلجائوا الى دس اشخاص والباسهم لباس رجال الدين، واطلاق لقب المرجع عليهم بالاضافة لزيادة النعرات القومية عبر مسميات المرجع العربي العراقي ..فانطلت على بعض السذج ؟!! ولم تنطلي على العارفين مقام المرجعية في حفظ الامة، فالارادات مختلفة والاعداء كثر،وخلفهم دول الاستكبار والحقد الطائفي الاعمى.
كلما ارادوا ان يخططوا لامر انقلب السحر على الساحر، ليضعوا انفسهم بموقف لا يحسد عليه، والسبب تفكيرهم بحقد قلوبهم لا بعقولهم التي كتب عليها عدم الابصار والتميز مابين الحق والباطل, وهذا الحقد سيخسرهم الكثير، بالمقابل سيربح اتباع المرجعية وخصوصا في دولتان جارتان كالعراق وايران ؛ لأن المواقف توحد الرؤيا لينتج منها دولتان عظيمتان في ظل مرجعان كبيران في التخطيط واصابة الهدف.
https://telegram.me/buratha