أمل الياسري
ترامب وحلفاؤه يتجهون نحو المزيد من التصعيد في المنطقة إقليمياً، فمجموعة الصقور الذين عينهم الرئيس الأمريكي ترامب، بعد تنصيبه رئيساً في (20 كانون الثاني 2017)، معروفون بمحاربتهم الشديدة للإسلام، ويعيشون حالة من الإضطراب بسبب الإتفاق النووي الإيراني، وهم بالضد تماماً منه حيث وصف بأنه خطأ تأريخي، أرتكبه الرئيس السابق أوباما، وأنهم ورثوا فوضى كبيرة من الحكومة السابقة، وكان لابد من ترتبيها في الداخل والخارج، إنها حرب صليبية تعد إمتداداً للحروب القديمة.
هؤلاء الثلاث هم: (مايك بومبيو ونيكي هايلي وجون بولتون)، إنهم يخططون للحرب الصليبية الجديدة في القرن الحادي والعشرين، وقد كانت متوقعة لأن الجمهورية الإسلامية في إيران، أثبتت بتوقيعها للإتفاق النووي إلتزامها بتعهداتها تجاه المجتمع الدولي، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأنها دولة لا تريد الهيمنة، أو السيطرة، أو إثارة الفوضى في الشرق الأوسط كما تدعي أمريكا، متهمة إياها برعاية الإرهاب، وأنها تغذي حروباً في المنطقة، إذن ما هي الدوافع الحقيقية لهذه الضغوط؟
بولتون مستشار الأمن القومي الجديد، المعارض القوي للإتفاق النووي، هو الذي سيزود ترامب بالبنزين الفكري الذي يحتاج إليه، لإشعال الحروب على عدد من الجبهات، وأبرزها كبح دور الجمهورية الإسلامية في إيران لمحاربة قوى الإرهاب في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بمواقفها من قضايا: (العراق وسوريا واليمن والبحرين)، مضافاً عليها عجز أمريكا في إيجاد التوازن بين السعودية الراعية للإرهاب، وبين الجمهورية الإسلامية المحاربة للإرهاب، وبالتالي ستندم أمريكا على الإستعجال بإعلان الحرب على الجمهورية الإسلامية.
في هذا الظرف الدقيق سيكون من الخطأ الإبتعاد عن الإتفاق النووي، وإزالة القيود المفروضة على إيران، فالمستفيد الوحيد من هذا الإنسحاب هي إيران نفسها، لأنها أثبتت إحترامها للمواثيق الدولية، على عكس ما فعلته أمريكا وسياساتها الرعناء بعدد من القضايا الإقليمية، وقد بات المتابعون مدركين لإدمان ترامب على الكذب وإفتقاره للأدلة الواضحة، ومن الطبيعي ألا تقبل الجمهورية الإسلامية بأي تعديل للإتفاق، لا اليوم ولا في المستقبل، ولن تسمح بربط الإتفاق النووي بقضايا أخرى، والحليم تكفيه الإشارة.
الجمهورية الإسلامية وتطبيقها الكامل والصارم للإتفاق النووي، شكل لها إختباراً لأشكال أخرى من التعاون على المستوى الدولي، كما أنه تأكيد على وأن برنامجها النووي، هو لأغراض سلمية وليس لتهديد العالم، ودحض حجج أمريكا وأذيالها بشأن الجمهورية بدعمها للحروب، مع الإشارة الى أن الجمهورية الإسلامية في إيران تعودت على المقارعة، والمقاومة، والمطاولة بمواجهة مثل هذه التحديات قبل أكثر من أربعين عاماً وما زالت شوكة بوجه مخططاتهم، وخرجت من الحرب العسكرية والإقتصادية منتصرة وبإمتياز.
التصعيد الأخير لأمريكا حول الإتفاق النووي، وتجديد العقوبات الإقتصادية على الجمهورية الإسلامية، دفع ببعض الدول الى إعلان موقفها المعتدل الداعي الى الحوار والتهدئة، ووقفوا بالضد من سياسة التصعيد والتجويع لشعوب العالم، وأعلنت دول كبرى إستمرار علاقاتها التجارية رغم العقوبات الجائرة، لكن من المؤسف أن نلحظ بعض الرؤساء، ومنهم العبادي الذي نستغرب التزامه بموقف ليس فيه وفاء أو دعم، لدولة وقفت الى جانب العراقيين على مدى عقود مضت، ومازالت داعمة له حكومة وشعباً.
لقد نسي العبادي نسي أن دور الجمهورية الإسلامية في العراق، كان تلبية لدعوة حكومته التي عجزت عن مواجهة عصابات داعش، فجاءت لتساند القوات المسلحة للقضاء على الإرهاب، وهدفها إحلال السلام والحيلولة دون تفتيت المنطقة فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! هل يمكن أن نقف مع أمريكا منتجة ومصدرة الإرهاب الى المنطقة، وندق طبول التصريحات غير المنضبطة من قبل العبادي، والذي تسرع جداً في طرح موقفه من العقوبات الإقتصادية في وسائل الإعلام، وأعدها مهزلة بحق لأجل الكرسي!
سؤال موجه الى السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي: كيف نظرت لقضية الإتفاق النووي؟ وفي مصلحة مَنْ يصب؟ ولأي الأسباب تقوم أمريكا بشن هذه الحروب والضغوط بين فترة وأخرى؟ أيعد موقفك مشرفاً أمام سياسة العقوبات، ودولتك لها علاقات تجارية ضخمة جداً معها؟ أم أنه يضاف لمواقف الساسة الهزيلة، وحاولت بها إرضاء أسيادك بغية تحقيق مآربك الشخصية؟ لكن لا نقول سوى ما قاله أحد الشعراء: لا خير في حسن الجسوم وقصرها، إن لم يزن حسن الجسوم عقول!
https://telegram.me/buratha