حيدر السراي
اكثر ما يضحكني ان ارى بعض اشباه القادة واشباه الساسة وهم يطرحون نظرياتهم ورؤاهم للحكومة المقبلة ، معيدين تكرار نفس المبادئ التي بتنا نسمعها مع كل حراك لتشكيل الحكومات ما بعد الانتخابات ، مصطلحات مثل البرنامج الموحد ، معايير الكفائة والنزاهة ، تجاوز المحاصصة الطائفية ، محاربة الفساد ، توفير الخدمات .
المشكلة اعقد مما تتصورون ايها السادة ، اتهموني بالطائفية ، لا مانع لدي لكن اخبروني من هو الشيعي الذي انتخب سنيا ومن هو السني الذي انتخب شيعيا ومن هو الكردي الذي انتخب عربيا منذ عام 2003 ولغاية الان ؟؟
الطائفية التي يكذب اشباه الساسة عندما يوهمون الناس بانهم تجاوزوها مشكلة اجتماعية لها جذور تمتد الى مئات السنين وليست وليدة عام 2003 ، هي ليست مشكلة نظام انتخابي فالدستور ليس هو من يلزم الشيعي بأن ينتخب شيعيا ، وليس هو من يلزم السني بأن ينتخب سنيا ، في الحقيقة ان المحاصصة الطائفية هي موقف شعبي نابع من تمزق الامة وعدم ثقة مكون بمكون اخر ، ولا ذنب للشيعة في ذلك فهم اخر من حكم العراق بعد مئات السنين من حكم مخالفيهم .
طبعا انا لا اقول بأن الطائفية امر صحي لكن المشاكل لا تحل بالعواطف والشعارات الكاذبة وعلينا ان نعرف المشكلة لنتمكن من حلها ، ومن هذا المنطلق فانني اعتقد بأنه لا مناص من خوض حوارات بنائة مع خيارات السنة والكرد الذين اختارتهم محافظاتهم كممثلين عنهم ، فضلا عن الحوارات داخل المكون الواحد.
هنالك ثلاثة جهات معنية بتشكيل هذه الحكومة ، ولكل من هذه الجهات اهدافها واذرعها ووسائل ضغطها
المرجعية الدينية في النجف الاشرف وهي تهدف الى الحفاظ على النظام الدستوري ومكاسب الامة ما بعد 2003 واذرعها ووسائل ضغطها هي الجماهير والقواعد الشعبية المؤمنة بها.
الجمهورية الاسلامية الايرانية : وهي تهدف الى توازن قوى يحفظ الوجود الشيعي في الشرق الاوسط من مؤامرات الغرب واسرائيل واعوانهما واسقاط مشروع التقسيم واستعمار الشعوب والسيطرة على مقدرات الامة الاسلامية بمختلف مذاهبها من قبل الغرب واعوانه ، واذرعها هي القنوات السياسية التي تؤمن بالقيادة الشرعية للفقيه ولا تؤمن بالحدود المصطنعة ، فضلا عن الجماهير المسلحة التي انتظمت في صورة جيوش عقائدية كحزب الله والحشد المقدس وغيرهم.
الولايات المتحدة الامريكية : وهي التي تقود رأس الحربة في تحالف مشؤوم يجمع اسرائيل وتحالف الاعراب و تهدف الى وقف المد الشيعي الصاعد الذي وصل الى حدود اسرائيل ، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية وتوفير الامن لدويلة الصهاينة ، اما اذرعها فهي للاسف تشمل بعضا من اخوة الوطن من السنة والكورد ، وبعض مرتزقة الاحزاب الشيعية المنحرفة التي باعت نفسها مقابل ضمان حصة في الحكومة القادمة.
دعني اؤكد ان الرهان على التحالف الاعرابي سيفشل بلا شك لان تجاوز مرجعية النجف الاشرف ليس متيسرا لهؤلاء ، كما ان السياسة الابوية العميقة والنفس الطويل الذي تمتاز به مرجعية الولي الفقيه ، سيرجحان بلا شك كفة المشروع المقاوم للهيمنة الغربية والاعرابية
وثمة امر اخر : برغم انخراط بعض الاحزاب الشيعية في المشروع الامريكي الا انها في الواقع لا تستطيع الا ان تلتزم امام جمهورها بما تطلبه القيادة العامة للشيعة في الشرق الاوسط واقصد هنا مرجعيتي ايران والنجف الاشرف والا خسرت كل الدعم الذي تتلقاه من جماهيرها ولذلك لا شك عندي ان هذه الاحزاب ستكون مضطرة الى الاذعان عندما سينطلق صوت القيادة النائبة عن المعصومين وهذه هي اقوى نقاط القوة التي تميز الشيعة عن غيرهم من المذاهب والملل وهذا هو سرصعودهم الدائم خلال الخمسين سنة الاخيرة.
النتيجة لكل ذلك انني اتوقع وخلافا لكل التوقعات الاخرى ان نصل الى تفاهم مشترك بين الفتح وسائرون سيشكل صدمة لاصحاب المشروع الغربي السعودي وسيشكل هؤلاء الكتلة الاكبر وستضطر باقي الكتل الشيعية الى الانخراط في هذه الكتلة ، اما عن التهديدات باللجوء الى معارضة برلمانية فلا اراها اكثر من مزايدات اعلامية ، لترضية الجمهور فقط.
هي ليست امنية بقدرما هي قرائة لطبيعة الوضع في الشرق الاوسط وقدرة القيادة الشيعية على تجاوز التحديات التي يضعها العدو ولله امر هو بالغه.
https://telegram.me/buratha