أمل الياسري
دهاليز مظلمة، وزمان مخيف، وأدوات أموية فتاكة، وبطش يزيدي كافر، والحق بات بسعر الدينار، والمقايضة تمت بالكذب، والوضع، والإنتحال في حديث، أو قول، أو شعيرة، لكن الرجال المجنحين بالثورة والعقيدة، زحفوا صوب مملكة الشهادة، وكشفوا زيف العدو وقبحه وبعده عن الدين، على أن الفجار وما إرتكبوه بحق الأبرار، يدور في محور واحد وهو القضية الحسينية، إنها ملحمة الأجيال، ومصدر إلهام الكرامة، ومن هنا يبدأ سر الخلود، فالصور الإسطورية المخبوءة ومشاهد السمو، ستجدونها حتماً في كربلاء!
كتاب حسني معاند، لا يفتح أوراقه أمام الطغيان والإستكبار، لأنه يدرك جيداً أن اللعبة، أبعد من إستنزاف للثروة وإحتلال للأرض، إنما السر يكمن في القضاء على إسلام على وفاطمة (عليهما السلام)، فالقضية الفاطمية وظلاماتها أخذت كثيراً، من فكر الشهيد السعيد محمد باقر الحكيم (رضوانه تعالى عليه)، مؤكداً على أن المرأة العراقية عانت ما عانت، أيام النظام البعثي الطاغوتي، ولها دور كبير في تبليغ الرسالات وإتمام المهمات، لذا فمن حقنا أن نفتخر بهويتنا الفاطمية وحفيدها الحكيم!
يكمن سر خلود الرجال من أبناء الحكيم، أنهم ولدوا في حجور طُهرت، وطابت منابعها، وعَذُبت مناهلها، ولكي نبصر شيئاً كما ينبغي فلن نحدق إليه، بل نسلط أعيننا فوقه، وتحته، وحوله، وسنلاحظ الأثر العميق، لهذه الكوكبة من الشهداء على الوجود الإنساني، فبقدر تأثيرهم كان معسكر القمع والرذيلة، يصادر حياة معسكر الحرية والفضيلة، ظناً منه بأن حياة هؤلاء الجهابذة ستنتهي، ولا يدرك أن حياتهم تبدأ بعد رحيلهم، وهذا أحد أسرار الخلود لديهم، فما يتركونه فكر نابض بالشموخ!
هناك مغفلون في عالم السياسة، توهموا بأن العراق لن يعمل بطاقته، إذا دمروه مرة واحدة، ولم يجدوا قوة ضاربة لمخططاتهم، ومؤثرة في الجماهير، سوى رمز المعارضة العراقية، ذات التأريخ الجهادي المشرف المتمثلة بالسيد محمد باقر الحكيم، الذي ذكرت عقيلته الطاهرة مرة، أنه كان كلما يذهب للحج يتعلق بأستار الكعبة، فيطلب الشهادة ويرسمها لنفسه، بقوله:(ربّ أرزقني الشهادة لأكون قطعة قطعة في سبيلك) فالحكيم (قدس سره) لا يرى الحياة مع الظالمين إلا برما، وما الموت إلا سعادة.
رجل مبدئي ملتزم يحسب بدقة، كل العناصر الواقعية التي تحيط بالبلد، لذلك عند قدومه طالب بأن يكون هناك نظام دولة، يحكمها دستور وقانون، يقرره الشعب العراقي، لنضمن الحقوق لمكونات العراق، لكن السيد محمد باقر الحكيم إختار الرحيل عنا، لأنه بات سعيداً بمنحة الباريء عز وجل، فذروة عطاء الله سبحانه للعبد هي الشهادة، التي تعني السعادة الأزلية، لذلك سنرتل عليه قوله تعالى:"ولسوف يعطيك ربك فترضى"، وبهذا الرحيل المقدس يكمن سر خلود شهيد المحراب ( طابت نفسه الزكية).
https://telegram.me/buratha