أمل الياسري
الإنسان يحتاج دائماً الى المراجعة والتقييم، في عملية المواجهة مع المتزلفين، الذين يتملقون الى السلطة طلباً للموقع والحكم، والجاه والنفوذ، فيسعون من خلال الأكاذيب للإطاحة بالمخلصين والصالحين، ولأن إرادة الإنسان أقوى من أي شيء آخر، فالنتائج لا تتحقق إلا بوجود القيادات الرشيدة الصالحة، وقدرتها على توظيف الصعاب والتحديات لتحقيق الإنجازات، لشعب ملَّ العهود والوعود من قبل سياسيه، وبالتالي فإن الإنجاز بإختيار القائد الشجاع الحازم، الذي يعني أن يتحكم في الظروف، لا أن تتحكم الظروف فيه.
الأوطان العظيمة تستمد عظمتها من عظمة رجالها، وعليه فالمشاريع الكبيرة لا تنطلق من الأحلام، بل من دراسة حقيقية واقعية للمشهد السياسي، وعنوان العظمة وقصة التميز فيها، تبدأ من رجال يداوون جراحها، ويمنعون البطالة عن نهش أبنائها، و يصدون التصحر عن غزو أراضيها، وعمائم شريفة تناشد جماهيرها وساستها، بضرورة الإلتفات لشبابها، ففعل صحيح واحد أفضل من الآف الكلمات لتخدير العقول، والسياسة ليست نظريات إجتماعية، بل افعال تترجم على أرض الواقع، لخدمة الشعب العراقي بعد السنوات العجاف.
لماذا تمتنع الطبقة السياسية المشاركة في العملية الديمقراطية، بعد عام (2003) عن الإقتناع بأن قوة الوطن تنبع من تنوعه؟ ولا تتعلم ثقافة الإختلاف وليس الخلاف، وتبقى مصممة على تصلبها بالرأي والموقف؟ مع أنه من المفترض لهذه الطبقة، أن تسعى لخلق حالة من الإستقرار والتعايش، وبناء عراق خالٍ من الأزمات، وإتباع منهج يقودنا الى مستقبل مشرق نستحقه، وبالتالي فإنها مرحلة تحديات مصيرية، ومنعطفات صعبة تستوجب توافقات صحيحة، وطبيعي أن نقول: قد نختلف ولكن علينا ألا نفترق.
إستشعار الخطر الداهم الذي يستهدف شعبنا وأرضنا، هو ما يجب أن يؤخذ في الحسبان من قبل القوى السياسية، لا أن يكون النزاع والصراع، حول المكاسب والمناصب حاضراً بينهم، فالعراق فوق الأزمات، وعلينا أن نجعل من خيمة العراق حقيقة ناصعة، تنهار أمامها جميع المخططات التآمرية، ثم أن المسالة لا ترتبط بالإقدام أو بالإحجام، بقدر ما هي مرتبطة بتقدير الموقف المنتج، الذي يمكن تحقيقه في كل مكان وزمان، فتوظيف المحن لصنع الإنتصار قضية ذات دلالات عميقة جداً.
كيف صنع الحشد المبارك إنتصاراته، والصعاب تحوم حوله، والأعداء تطوف بآنية من نار لتضربه، وتقلل حجم تضحياته؟ ومع هذه المحن صنع النصر، فعندما أغتصبت الأرض حلَّ الدمار والفوضى، لكن بفعل الفتوى المباركة وحشدها، تحولت المحنة الى منحة ربانية، وأغلقت الأبواب أمام المرجفين، فوظف الحشد كل إمكانياته المتاحة، لخلق حالة الإنتصار رغم قلة الدعم، وكان مقتنعاً بأن بعد الشدة رخاء، فإحترقت ورقة الخرافة، وأعلن النصر المؤزر فهل سنوظف محنة تحديد الكتلة الأكبر اليوم لنحقق البناء والإصلاح معاً؟
https://telegram.me/buratha