كاظم الخطيب
(العطشان يكسر الجرة) مثل شعبي يطلق على من يكون في حالة عطش شديدة، ولا يقوى على الوصول إلى الماء، بالطرق المعتادة، أو السهلة، ولشدة الظمأ فإنه يلجأ إلى كسر الإناء الذي يحتوي على الماء، للحصول عليه بأسرع الطرق، وقد يؤدي به ذلك العمل إلى أن يفقد الماء نهائياً، ويظل يعاني من العطش، بل إنه سوف يزداد عطشاً.
المكان البصرة، الزمان تفاهمات تشكيل الكتلة الأكبر.. كان النداء" الماء الماء" ولم يكترث الفاشلون، فصار النداء" النار النار" بعدما ركب الموجة الخائنون.
البصرة طالبت بالحق، وركب المٍرجفون الباطل، وتوسعت دائرة الإحراق والحرق، فلم يكُ من يضرم النار عوداً واحداً، فقد إشتركت أعواد الثقاب على إختلافها وخلافها في إحالة البصرة إلى آتون من نار.
الحارقون.. هم، إما ساذج نَعقَ إثر ناعق، وإما سارق ماح لآثار سارق، وإما خائنٍ وناكر لجميل مارق.
الناعقون هم اليوم في طليعة القوم، كأنهم ببغوات على رأسها البوم، يُنذِرون البصرة وأهلها، بنذير من خراب وشؤم، يخربون ويدمرون بلا هدف ولا غاية، ويهتفون بما لا يفقهون من غير وعي ولا دراية، يواصلون التظاهر بالليل والنهار، ويضرمون في ممتلكاتهم النار، فهم وسيلة كل فتنة، وآلة كل محنة، ليسوا بذوي عقل فيعقلوا، وليسوا بأعداء فيقتلوا.
الفاسدون من المسؤولين قد وجدوا ضالتهم في النار، كوسيلة لإخفاء جرائمهم، والحيلولة دون وقوع الحقائق بيد المتظاهرين، أو أجهزة الدولة الأمنية أو النزاهة وغيرها ، من خلال المشاركة بأعواد من الثقاب؛ لترتفع ألسنة النار معلنة برائتهم، ونظافة ذات يدهم، من فساد متراكم، وظلم متلاطم، دام لسنوات بصرية عجاف.
الشرف الرخيص، الذي يأبى الرفعة والصيانة، ويمتهن الرذيلة والخيانة، من الخلايا النائمة، والخسة الدائمة، من داخل البصرة وخارجها، أبت أخلاقهم إلا إنحطاطاً ، وقِيمهم إلا إنحدراً، بأن يثأروا لبغاياهم التي صان شرفها الحشد البصري، وقدموا الدماء كي يعيدوا القوادون منهم إلى منازلهم معززين مكرمين، لأنهم لم يعرفوا للكرامة معنىً، ولا للشرف وزناً، ولا للرجولة عنواناً، فألقوا بأعواد الثقاب؛ ليحرقوا بها، تضحيات الشهداء ، وضيافة أهالي البصرة لعوائلهم النازحة، ليعيدوا للتأريخ أيام صفين والنهروان والجمل.
لقد رفعوا مصاحف الديمقراطية، وأناجيل وحقوق الإنسان، وزبور الخدمات، وجعلوا منها جملاً، تتساقط عند حوافره الضحايا، وتسري في ركابه المنايا، والخاسر الوحيد في ذلك هو إبن البصرة، وفتيان الجنوب.
نار تطال مقار الحشد الشعبي المقدس، وممتلكات الدولة، والقنصلية الإيرانية –حصراً- وتتحاشى المساس بالقنصلية السعودية، والقنصلية الأمريكية، إنما هي نيران أريد بها إحراق وحدة الصف الشيعي، والإخاء العراقي الإيراني، الذي تبلور نقياً، وبان جلياً، في معركة العصر، لمقارعة العهر، والقضاء على أداة الكفر، داعش الوهابي السلفي الإرهابي.
زبدة المخض.. فإن البصرة تحتاج إلى البصيرة، وإلى العمل على التفريق بين المطالبة بالحقوق، وبين ممارسة الإرهاب والعقوق، كي تقطع الطريق على من يريد أن يجعلها خراباً، ويحيل أهداف نهضتها سراباً.
يا طلائع الثورة، يا شرفاء البصرة.. حاربوا الفاسدين، ثوروا بوجه السارقين، طالبوا بحقوقكم- أدناها وأقصاها- ولكن الحذر الحذر، من أن تكونوا مطية لغيركم، في خراب بصرة العراق الفيحاء، وثغره الباسم.
https://telegram.me/buratha