ضياء المحسن
يبدو أن جدلية منصب رئاسة الوزارة في الدولة العراقية لا تزال محكومة بالمحاصصة والحزبية، بغض النظر عن كونها ذات فائدة للدولة العراقية أم لا، فجميع الكتل السياسية بدون إستثناء لا تود أن تكون في المعارضة، لأنها سوف تحرم نفسها من المكاسب التي تجنيها لو كانت في الحكومة، فهي تشارك في الحكومة؛ لكنها أيضا تقوم بدور المعارض لعمل الحكومة!
لكن لماذا هذه الإشكالية المعقدة فيما يتعلق بمنصب رئاسة الوزارة في العراق؟ هل لأنه منصب تنفيذي أعلى يتحكم بمقاليد السلطة كلها؟ أم لأن المنصب بحد ذاته يمنح من يتقلده هيبة وحظوة لدى من حوله؟
قد نكون نجانب الحقيقة اذا قلنا أن ما سقناه من أسئلة ليس له أهمية، لكن الأهم من ذلك هو ما نقوله بعد قليل.
معلوم أن إدارة الدولة تحتاج الى أدوات لتحريكها، من هذه الأدوات وجود إقتصاد قوي، قوة هذا الاقتصاد متأتية من تنوعه، وفي حالة العراق نجد غياب التنوع فيه، حيث الإعتماد الكلي على الإيرادات النفطية، والتي تخضع لتقلبات ليس بمقدور العراق التحكم بها، لأنها عوامل خارجة عن إرادته (السوق والمعروض السلعي من النفط من قبل الدول المنتجة)، ولكي يكون رئيس الوزراء قويا يجب أن يغادر في برنامجه الحكومي عقلية الدولة الريعية، وهذا الأمر يجعله يصطدم بالقوى السياسية التي جاءت به الى سدة الوزارة.
كثير من الأشخاص ينتقدون الدستور العراقي بسبب الثغرات الموجودة فيه، منها الفيدرالية والأقاليم، ولكي يكون رئيس الوزارء القادم قوي، يجب أن يعمل على تعزيز النظام البرلماني اللامركزي والفيدرالي، بالإضافة الى ضرورة سَن عدد من القوانين المعطلة منذ الدورة الأولى، منها قانون الخدمة العامة، وقانون النفط والغاز، بالإضافة الى وجود عدد غير قليل من الوزارات العاملة بدون وجود قانون ينظم عملها.
لقد كان التدخل غير المبرر من قبل أعضاء السلطة التنفيذية يظهر بصورة واضحة لدى المتابع للشأن العراقي، بما يجعل عمل السلطة التنفيذية تحت رحمة السلطة التشريعية، التي تتخذ من عملية الإستجواب لمن لا يستجيب لرغبات النواب الى عمليات تسقيط، لأن الأصل في عملية الإستجواب هو معرفة الحقيقة وتحديد الخلل في عمل الحكومة وتقويم المسؤول التنفيذي، لأن العمل التشريعي والتنفيذي عمل متكامل، لكن في العراق أصبح العمل التشريعي شبيه بالمحاكمات.
لكي يكون رئيس الوزراء قويا، يجب عليه تفعيل القانون، الذي بقوم بخرقه من المفروض به أن يطبقه، ونقصد به رجل المرور والشرطي وكثير من منفذي القانون، ما يحكمن اليوم هو القانون العشائري، فبمجرد وقوع مشادة بين أحد الأشخاص، تجده يستنجد بعشيرته التي تكون مسلحة بأعقد أنواع الأسلحة، وتحصل معركة لن ترى لها شبيه، إلا في المعارك التي تحصل بين الجيوش المدربة.
هناك علاقات العراق بين دول العالم المختلفة (الإقليمية والدولية) فكثير من الكتل السياسية لديها علاقات مع دول على حساب أخرى (بحسب الأيديولوجية التي تحكم هذه الكتلة أو تلك) وهنا ترى مواقف هذه الكتل تعتمد على موقف الدول التي تتبعها، بغض النظر عن المصلحة العامة للدولة العراقية، ما يعني تبعية هذه الكتل الى الخارج، ورئيس الوزراء بما أنه رئيس للعراق ككل يجب عليه أن يبحث عن مصلحة العراق أولا، الأمر الذي لن توافق عليه الكتل السياسي
https://telegram.me/buratha