امل الياسري
نشرت مجموعة كنز المعارف الإسلامية بموقعها الإلكتروني، عبارات رائعة جداً وواقعية، يقوم بها الناس في أيامنا هذا، أولها: أنهم لا يستطيعون قراءة 10 آيات من القرآن الكريم، في حين أنهم يستطيعون قراءة أكثر من خمسين محادثة، في اليوم الواحد على مواقع التواصل الإجتماعي، وثانيها أنهم لا يستطيعون شراء الأضحية، بحجة غلاء أسعارها، في حين أنهم يستطيعون، شراء أحدث جهاز جوال (أيفون أوكالكسي) لمواكبة الموضة، ويعتبر مكملاً للشخصية ومكانتها في المجتمع. ثالثها أنهم لا يستطيع السفر للحج، لأن تكلفة الحج مرتفعة، لكنهم يستطيعون السفر رغبة في تغيير الجو، والهروب من المشاكل، التي يكون معظمها هم أساسها، ومن الناس مَنْ يصلي ويصوم ويزور، وهو قاطع للرحم، وسبّاب، لعّان كأنه يجمع حسناته في كيس مثقوب، وينسى أن شيطانه قرين السوء، مَنْ جعل هذه الأعمال جميلة بنظره، ويلح عليه إلحاحاً ويمد حبائل الغرور والنرجسية في سلوكه، فيشعر أنه يقوم بأعمال عظيمة، وسط مغريات أعظم. مع الباريء عز وجل وفي الطريق له، كل شيء مختلف، فسبحانه وتعالى لا ينظر الى صورنا، ولا لإشكالنا، وألواننا، وملابسنا، وأموالنا، بل ينظر الى قلوبنا، وما فيها من صدق، وإخلاص، وتفكر، فهذه الصور أنقى، وأجمل، وأكثر طهراً من القناطير المقنطرة، والأصوات المزمجرة، والمشاهد العارية، وفوق كل ذلك الإطمنئان والأمن، والرضا مع الله شيء لا يوصف، فمعه يصبح الألم راحة، والضجيج سكوناً، والصبر أجراً، فهل هذه البركات بحاجة الى(قراءة وجوال وسفر)؟! قلوب خالية على عروشها خاوية، وأفعال خائبة، ونصائح صائبة، ولكن لا حياة لمَنْ تنادي، فالمعضلة ليست في وجود الشيطان، بل فيمَنْ سمح لهذه الشياطين بالتمدد، فمجتمعنا اليوم تنتشر فيه آفات المجتمع الجاهلي، ولكن بلباس جديد، ومعظم الوجوه تتسابق نحو الحداثة بلا شعور، فالمشاعر تتجه صوب الحضارة المزيفة والخلاعة، ورايات الفسق والفجور باتت مرافئ للقلوب المغلقة، التي تعتاش على العصيان، وخطايا المغفلين، وآثام المنافقين، فما لكم كيف تحكمون؟ أم على قلوب أقفالها؟ قد يكون الناس بحاجة الى الإختلافات، لمعرفة مايخفيه الآخرون في قلوبهم، وقد تجد مايجعلك تعيش بحالة ذهول، ولكن الحياة يجب أن تستمر، فأما أن تحمل همومك على ظهرك فينكسر، أو تبني برجاً من الأعمال الصالحة، لتعلو فوقه وتنتصر، وحين ينام الناس فهم لا ينامون بعمق، إلا مَنْ كان مرتاح الضمير، عاملاً بقول إمامنا الصادق(عليه السلام):(ثلاث لايزيد الله بهن المرء إلا عزاً، الصفح عمَنْ ظلمه، وإعطاء مَنْ حرمه، والصلة لمن يقطعه). كمية كبيرة من التفاؤل، يراد لها أن تقض مضاجع المثقفين، والمصلحين، والمهتمين لأمر الحاضر، والجيل القادم، فالصعود لمنصة الموت، أكثر تأثيراً من الموت نفسه، على قول أحد الأدباء، فالمجتمع لا يبنى بالتنافر، والتناحر، والتنابز، والتدافع، وهو يمتلك عوامل كثيرة للنجاح والرقي، ولا حاجة للتنظير من خلال ثقب باب صغير أسود، فالطقوس في الغرف المظلمة، مهما تكن قوية، لكنها تحتاج للضياء لنراها، وأقترح الإستمرار بأن نقص عليهم أحسن القصص لعلهم يفقهون.
https://telegram.me/buratha