سجاد العسكري
منذ خلق الله الانسان واستعداده لحمل اعباء الرسالة السماوية , ومن لطف الباري عز وجل بالانسانية ان بعث لهم مصلحين اصطفاهم ليكونوا قدوة البشرية التي يحتذى بها وتضمن سعادة الانسانية جمعاء , وبالمقابل كان هنالك اعداء للمصحلين وكانت تتمثل العداوة بمحاربة هؤلاء المصحلين ليصل الى حد قتلهم ؛لأن مصالح البعض منهم تتضرر ماديا لجشعهم واطماعهم على حساب عامة الناس , والتي طالما كانت العامة مظلومة من قبل افراد معدودة ؛ليأخذ المصلح دوره في الوقوف مع المظلوم ضد الظالم , ويبدأ بحركة تغيرية تعيد الاشياء الى فطرتها التي فطرها عز وجل في الانسان .
لذا كانت من اسباب سعادة الانسانية وجود المصحلون قال تعالى ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ فان مقتضى وجود المصلح هو فرار الظلم , وهو ما فهمه الظالم المتجبر لينصب له العداء والقتل, فكل مصلح يقابله مفسد وجنوده واعلامهم المشوش والمظلل على الانبياء والمصحلين, فهذا نبي الله ابراهيم عليه السلام الموحد الحنيف ارادو احراقه فجعلت النار بردا وسلاما , وهذا شعيب عليه السلام يلاقي الاذى والتهديد من قومه المستكبرين قال تعالى(قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين امنوا معك...) , وكذلك لوط عليه السلام يحكم عليه السفهاء باخراجه والسبب طهارته وعفته قال تعالى( اخرجوا ال لوط من قريتكم انهم اناس يتطهرون) , وكذا باقي الانبياء والمصلحين وخصوصا نبينا محمد ص وهو يقول ((ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت)) ؛ فطريق الاصلاح والمصلح وعر , وفيه منعطفات كثيرة قد تؤدي الى موته لما يحمله من قيم ومباديء تنجي الانسانية من العبودية الصنمية والعقلية المغلقة الى التوحيد والانفتاح بروحية انسانية الفطرة النقية .
وللاسف البعض وهم كثيرين يدعي الاصلاح وهو في الحقيقة يحمل معول لهدم القيم والمباديء ,والتعايش بسلام , والمصداقية لينتفع من مجتمع تسوده عدم الثقة ؛ ليسقط كل شيء ومنهم دور المصلح , والذين يرغبون في اسقاط دور المصلح هم:
• اصحاب الاموال والشهوات والمبتدعين والخوف على جاههم ونفوذ سيطرتهم .
• الاغبياء والمغفلين الذين لا يدركون ماخلف الاصلاح من خير فينعقون مع كل ناعق بلا وعي او ادراك.
• الدجالون باسماء مختلفة كالدين او الاصلاح او المصلحة العامة ...
فالمصلح لا يلتمس دنيا او سلطة اومال , لأنه يحمل رسالة تتضمن : صيانة الكرامة الانسانية , ورفض العبودية والذلة التي يرد بها الطغاة للاحرار, وتعريف المجتمع بدوره والحذر من المكر والخديعة , والحذر من طاعة الاشرار ...
واذا قلبنا صفحات التاريخ نلاحظ ذلك متحقق في ثورة الامام الحسين عليه السلام الاصلاحية وهو يحذر الناس ويستنهض هممهم وايقاض فطرتهم , قال (عليه السلام) محذراً الناس "ولكنكم مكنتم الظلمة في منزلتكم، وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات، ويسيرون في الشهوات، سلطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي بأهوائهم، إقتداءً بالأشرار، وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع، فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس".
وهنا علينا ان ننتبه نعم نحن صالحون لا يكفي ؟! بان يكون مجتمع صالح وليس له مصلح يحدد اهدافه , ووسائل واساليب الاصلاح ليكون على الطريق الاصلاح الذي يتحقق به سعادة وكرامة الانسانية , ولنعلم متى ما استهدف المصلح فعلم علم اليقين بأنه على الطريق والمسار الذي خطته له السماء بواسطة دماء الامام الحسين الشهيد عليه السلام , ودماء شهداء الفكر الحسيني, لذا استهدف المصلحون؟!.
https://telegram.me/buratha