حميد الموسوي
تشترك جميع محافظات العراق في معاناة ازلية لازمتها منذ تأسيس الحكم الوطني في العراق والى يوم الناس هذا،اذ ركزت الحكومات المتعاقبة اهتمامها وعنايتها بالعاصمة بغداد؛ولم تنل المحافظات الاخرى الا النزر اليسير من العمران والخدمات والصحة والتعليم .واذاكانت محافظات الشمال والوسط والغربية نالت جزءا من الاهتمام فان محافظات الجنوب اهملت بشك تام لا بل وحوربت ونكل باهلها لأسباب يعرفها الجميع ؛ نكل بها الامويون طيلة ثمانين عاما ،وظلمها العباسيون قرابة الستمائة عاما؛واذاقها الاحتلال العثماني العسف والهوان اكثر من اربعمائة عام ؛وتناساها الاحتلال البريطاني والحكم الملكي اربعين عاما اخرى؛وزادها البعثيون خرابا واهمالا وتنكيلا اربعين عاما ثالثة .نعم التقطت انفاسها لأربع سنوات فقط وهي ايام الحكم الجمهوري في عهد الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم من 1958 الى 1963 حيث انقلب عليه البعثيون وقتلوه واعادوا العراق الى دائرة العنف والتنكيل والتعسف وبرغم اقامتهم بعض المشاريع العمرانية والصحية والخدمية الا ان محافظات الجنوب نالت الحصة الاوفر والنصيب الاكبر من الخراب والدمار والقتل والمطاردة فضلا عن الاهمال المتعمد وغياب الخدمات الاساسية وانعدام التعليم والصحة والعمران وفرص العمل.
استبشرت محافظات الجنوب بسقوط السلطة البعثية التي ناصبتها العداء واذاقت اهلها سوء العيش والاستقرار ؛وزادها استبشارا ان حكوماتها المحلية تختار من بين اهلها بدئا بالمحافظ ومعاونيه ومستشاريه ؛ومرورا باعضاء مجلس المحافظة والمجالس البلدية ؛ وانتهاءا بموظف الخدمات؛كما ان حصتها المالية تأتي من ميزانية الدولة جاهزة وفق نسبتها السكانية لتستثمر – حسب الاولويات – في اقامة المشاريع العمرانية ؛وبناء وتجهيز المدارس والكليات والمستوصفات والمستشفيات ومحطات الكهرباء والماء والمجاري ؛ وتعبيد الطرق ؛ واقامة الجسور والمعابر ، واستصلاح الاراضي الزراعية ؛وتنظيف الانهار . والاهتمام بالجوانب الثقافية المتمثلة باقامة المتاحف والمسارح والاندية وصالات العرض والاسواق الكبيرة ؛والاهتمام بمناطق الاثار وانعاش السياحة الدينية والمدنية ؛ وفتح مجال الاستثمار في المشاركة باقامة المشاريع التي تم ذكرها ما يوفر فرص العمل للعاطلين .
نعم استبشر اهل الجنوب وظنوا خيرا بابنائهم ؛ لكن حكامهم الجدد – وهم ابناءهم – خذلوهم شر خذلان ؛ وخيبوا ظنهم وزادوهم يئسا وانكفاءا .اذ تنكروا لكل المبادئ التي حملوها ؛ ونكثوا بكل العهود التي قطعوها؛وحنثوا بالايمان التي اقسموها ؛ ومزقوا كل الشعارات التي نادوا بها؛وانقضوا على ما خصص من اموال انقضاض الجشع المنهوم ؛نهبوا المال العام ..شيدوا القصور وبنوا المولات والفنادق الفخمة الخاصة بهم وعوائلهم ..ركبوا احدث واغلى المركبات ..اشتروا الفلل الباذخة في دول الجوار ..وادخروا المليارات في بنوك اوربا.وطيلة الاعوام الخمسة عشر من عمر العراق الجديد لم تنل تلك المحافظات مما كانت تتمناه الا لماظة لا تروي عطشا ولا تسد جوعا .برغم تبدل الوجوه كل اربع سنوات ..يكون اللاحق اسوئ من السابق .ترى هل تتمكن حكومة 2018 من اصلاح خراب الفاسدين وانعاش الامل في صدور المحرومين من اهل الجنوب خاصة وشعب العراق عامة ؟؟؟.
https://telegram.me/buratha