المقالات

دولة"الدعاة" العميقة تُغَيِرُ جلدها..!

2511 2018-10-10

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

حينما أزيل صدام وطغمته عن وجه العراق، في التاسع من نيسان 2003، لم يدر في خلد اي عراقي، أنه سيأتي من هم أكثر شؤما منه، فقد كنا نتوقع أنه وبعد أربعة عقود، من حكم دولة القرية، أنه قد أقبل علينا أناس، مختلفين تماما عن أبالسة البعث، أُناس ألسنتهم تُغرد بالديمقراطية وحب الوطن؛ بعيدين كل البعد، عن شعارات( حياك أبو عداي) و(وياك يا ابو حلا)، ولايحتكرون عقولنا بما تشتهي أنفسهم.

قلنا حينها أنه جاء "الملائكة الجدد؛ " بعد سقوط" أبليس الكبير"، بأشياء لم نعهدها مِن قبل، كالحريات، والعدالة، ونظريات مستقبلية، وخطط تنموية، ورؤى مشتركة، وحقوق الإنسان..ولطبيعة الحظ القاسية، وسخرية الأزمنة السوداء؛ لم نتعرف على هذه الأشياء مٍن قبل، ولم نفرق؛ هل هي نوع من أنواع الأطعمة،  أو آلات تستخدم في المنازل، أم أنها "سلع " made in U.S.A ؟!

لكن " ملائكة الدعاة" ولفرط ذكائهم، لم يُظهروا كل شيء على الملأ، بل كان هنالك أسرار وخفايا، أسدل عليها ستار غليظ، وكانت المنطقة الخضراء حصنهم المنيع، فكل شيء خلف كتلها الكونكريتية سري، لكن ومن خلال أسلوبهم في قيادة الدولة، وتلاقفهم مواردها تلاقف الكرة، أخذت تلك الأسرار، والنوايا تظهر للعيان.

لأنهم حفظوا الدرس البريطاني القديم جيدا ، "فرق تسد"، كان من بين ما عملوا عليه بقوة، هو تفريق العراقيين طرائق قددا، لم يستطع العراقيين أن يحركوا ساكنا، لتحشيد جهودهم لكشف المستور؛ بل كانوا يصغون بتمعن لتلك الممارسات، حتى عِلقوا بحبائل "الدعاة"، وغرقوا في بئر دولتهم العميقة..!

حينها أكتشفنا أن الأمل والتفاؤل؛ لم يعد لهما وجود، في حياة العراقيين الشائمة منذ فجر الخليقة؛ فقد رُقن قيدهما؛ يوم إن نزل إبليس على أرض العراق، ولم تعد في أفق المستقبل بوارق لهما؛ ما دام"الدعاة الأبالسة" قد كشروا أنيابهم الحادة على مقاليد الحكم، في الأرض التي هبط فيها أبليس من الجنة، والتي أسمها العراق!

ما يشغل المسافة بين " ملائكة السياسة" والأتباع؛ طبقة تضم أكاديميين، وصحفيين، وباحثين سياسيين، وهؤلاء هم العقل النابض للمجتمع، ألا أن هذه الطبقة أصيبت بمرض عُضال، ناتج من تراكمات الماضي البعيد، والقريب، وإنحصر دورها بالإتباع وليس الإبداع؛ لِيوظفوا معارفهم، وعلومهم خدمةً لـ"الدعاة" الذين تبين فيما بعد؛ إنهم أبالسة كِبار!

هذه الطبقة هي "الدولة العميقة" للدعاة، التي ستتغير توجهاتها وميولها؛ بتغير الأنظمة، كلما وجدت أحضان دافئة، لتحافظ على وجودها وتماسكها، ولِتنفيذ ما يدور في جماجمها، في سبيل ديمومة البقاء في قمة الهرم؛ مقابل الرفاهية والدنانير، التي تمتعوا بها على حساب مجتمع مُحطم، عملوا هم و"دعاتهم الأبالسة" وبلا هوادة، على زيادة تحطيمه ليخلو لهم وجه العراق!

بعد خسارة"الدعاة الأبالسة" الكبرى في الأنتخابات الأخيرة، سيعملون بلا كلل أبقاء دولتهم العميقة، التي بذلوا أموال العراق المنهوبة كلها على إنشائها، وسيحاولون رسم صورة وردية عن زمنهم، وسنسمع ما يسبب لنا صداعا رهيبا، عن "تضحياتهم" وعن "تاريخ حزبهم"، الذي قتلوه ودفنوه هم بأنفسهم، وسيخوضون معارك إعلامية طاحنة، وسيرجمون مخالفيهم بوابل من الشائعات!

كلام قبل السلام: الأخطر من كل ذلك، هو أن أفراد دولة الدعاة العميقة؛ سيغيرون جلودهم بسرعة، وقد بدأوا بذلك فعلا..!

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك