أمل الياسري
يقول شهيد المحراب (قدس):(إن المكتسبات التي أعطيت للمرأة في الدستور، كالمساواة الكاملة مع الرجل في حقها، بتولي أي مسؤولية ما جاء إلا ليلبي إستحقاقاً من الإستحقاقات، التي ينبغي أن تنالها المرأة العراقية مما يضاعف المسؤولية على عواتق النساء، بضرورة تطوير القدرات الذاتية بما يتناسب ومرحلة العراق الجديد، الذي ينبغي أن يبنى على أساس الشراكة الحقيقية) فهلا تنبه أحد لذلك الحق؟.
إختيار الأول من صفر يوماً إسلامياً لمناهضة العنف ضد المرأة، يعني إعلاناً لمظلومية نساء البيت العلوي، اللواتي عانينَ السبي والترهيب، والترويع في صحراء كربلاء سنة ( 61) للهجرة، بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ومسيرهنَّ غصباً وعدواناً الى الشام، وهذا هو أسوأ انواع الظلم البشري البشع ضدهنَّ، حيث لم يرفقوا بهنَّ مع الآم السبي، كانت الرؤوس الطاهرة تتقدم مسيرتهنَّ.
الألم والمكابدة كانا على درجة كبيرة، حتى أن بعض الاطفال والنساء توفينَ من أثر التعب، والخوف، والعطش، فأين هي المواثيق والعهود، التي تحفظ للمرأة كرامتها وكبرياءها؟ ولأنه لا يمكن أن تتم عملية التغيير بصورة صحيحة، من خلال مشاعر مليئة بالحقد والانتقام، وتأجيج مشاعر الغضب، ومحاولة الإذلال، وإنما تتم من خلال مكارم الأخلاق، لإرتباطها بعملية التزكية والتطهير لآل البيت.
ما عملت عليه عقيلة الطالبين الحوراء زينب (عليها السلام) هو أنها قلبت الطاولة على يزيد وأزلامه، وكشفت زيف وفساد حكمه، وتسلطه على رقاب المسلمين، وفي الأول من صفر اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة، ينبغي الاشارة الى أن نساء الطف أقمنَ ثورة كبيرة، تمثلت في الجوانب التالية:
1ـ مفهوم الصبر والقوة قيمتان إيجابيتان، حققتا النصر للقضية الحسينية.
2ـ مواجهة الرواسب الإجتماعية الجاهلية، التي حاول الامويين رسمها لبنات البيت العلوي، في محاولة دنيئة لشرائهنَّ كسبايا، لكنهنَّ وقفنَ موقفاً صلباً شهد له العدو والصديق، وأبرزنَ قيمة المرأة المسلمة، بإلإرتباط بالخطاب القرآني، والعمق التأريخي لبنات أشراف قريس والمدينة المنورة.
3ـ تغيير النظرة التقليدية السائدة، حول أن المرأة لا تصلح إلا للبيت، وهو مكانها الحقيقي لكن بنات الرسالة المحمدية السمحاء، أثبتنَ أنهنَّ قدوة في كل شيء العفة والحجاب، والصبر والقوة، والإعلام المؤثر لمواجهة الطغيان الاموي.
4ـ اعادة النظر في النصوص الدينية، وإفهام الشارع الاموي الذي كان مغرراً به، من أن الحسين وأهله خوارج، قد خرجوا على طاعة خليفتهم، الآ ساء ما يحكمون.
5ـ إعادة برامج لتحسين صورة المرأة خاصة المسلمة، في ظل جنون الفضائيات وتنوع وسائلها الرخيصة، وإعادة النظر في نظام التعليم والمناهج التعليمية، وخلق مجالات جديدة أمام المرأة العراقية، لتنمية قدراتها تجاه القضايا العامة.
إستطاعت السيدة زينب (عليها السلام) أن تحول رحلة محنة السبي، من ألم الى أمل بالإنتصار، وبالفعل فقد إنتصرت ملحمة الدم على السيف، فلم تبدِ جزعها بل إلتف الجميع حول عباءة زينب (عليها السلام)، يرافقهم رأس فوق رمح وينادي: لا حياة بلا حرية، فالحرية أثمن مافي الوجود، لذا كان ثمنها باهظاً، ومثلت حركة الحوراء حركة رائدة، زلزلت الأرض تحت أقدام الطاغية.
الأول من صفر ليس مناسبة ليوم المرأة المسلمة، والمطالبة بإنهاء العنف ضدها، بل هو يوم موجه للعالم بحقيقة ما يرتكب ضد المرأة، من إنتهاك لحقوقها وكرامتها، فهذا الكائن المعطاء الذي أودعه الله تعالى سر الحياة، يستحق منا أن نطوره ونجعله قادراً على التحدي والتصدي، وإيصال صوته ومظلوميته للعالم أجمع، وإذا كانت الأديان قد حثت على إحترام المرأة، فإن الدين الاسلامي حفظ كرامتها ومكانتها، وصان حريتها في ضوء مبادئه السمحاء، فلابد أن يكون الأول من صفر يوماً للوحدة النسوية، فالآم حرائر بيت الرسالة في رحلة سبيهم، ستوحدنا لمواجهة العنف بصلابة وإقتدار.
https://telegram.me/buratha