حميد الموسوي
كم نحن حسنو النية ..كم نحن ابرياء لدرجة ( الفطارة ) حسب اللهجة العراقية الدارجة .كثيرا ما سمعت من اصدقاء اعزة - معلقين على بعض ظنوني- ( سيدنا انت من اهل الله ).ومع انها شهادة رائعة الا اني كنت احزن واقول في داخلي : الظاهر انا حسن الظن اكثر من اللازم؛وهذه حقيقة بدليل اني توقعت ان القوم من سياسي اسلوب :خذ وطالب غادروه ؛وان القوم من سياسيي سلوك: خذ وخرب دفنوه الى غير رجعة ؛وان سياسيي الاستحواذ تركوا مسألة الهيمنة مانحين الفرصة لغيرهم عن طيب خاطر ؛وان سياسيي التجييش والتشويش استغنوا عن لغة التهديد والانسحاب لفرض ما يريدون ؛وان الجميع صار همهم الكبير مصلحة العراق وشعبه المحروم؛وانهم عازفون عن المناصب الوزارية والمراكز الادارية تاركين المهمة لرئيس الوزراء لاختيار الانسب والاصلح لادارة كل وزارة من اجل تنفيذه برنامجه للمرحلة المقبلة، وذهبت التوقعات ابعد، فظننت ان الجميع متضامنون و مصرون على محو فساد وسلبيات الفترة المنصرمة والبدئ بتشييد عراق قوي محققين الرفاه والعيش الكريم لشعبه المحروم بعيدا عن المنافع والمصالح الشخصية والفئوية والحزبية .
طبعا هذه التوقعات والظنون بنيت على ماظهر من مواقف اهمها :-
* دخول شخصيات سياسية و احزاب وكتل سنية ذات توجهات مختلفة للانتخابات ضمن كتل شيعية وخاصة كتلتي البناء والاصلاح .
*تخلي فصائل وشخصيات سنية معارضة لعملية التغيير عن اسلوب العداء والمشاكسة و المقاطعة طواعية ومشاركتها في العملية السياسية.
*طي صفحة الطائفية ومناكفاتها العدوانية والترحيب بكل العائدين للصف الوطني للمساهمة في عملية بناء العراق الجديد.
*استقلالية النواب وعدم انقيادهم انقيادا اعمى لرؤساء الكتل ؛وهذه الجزئية ظهرت بوضوح في عملية اختيار الرؤساء الثلاثة وعلى وجه الخصوص عملية اختيار رئيس الجمهورية.
*اختيار رئيس للوزراء مستقل و من خارج الكابينة الحكومية والبرلمانية؛وباتفاق الكتل السبعة عشر ( شيعة وسنة واكراد ).
*الاشتراط على رئيس الوزراء التمسك بوضعه المستقل وعدم انتسابه او اتكائه على اي جهة سياسية ؛وعدم الترشح لولاية ثانية؛ومنحه حرية اختيار كابينته الوزارية بعيدا عن فرض وتدخل الكتل والاحزاب المشاركة في العملية السياسية ؛ ومنحه مهلة عام كامل لاثبات جدارته.
*خروج منصب رئاسة الوزراء من هيمنة حزب الدعوة الاسلامي .
*خروج منصب رئاسة البرلمان من هيمنة الحزب الاسلامي ( الاخوان المسلمون فرع العراق ).
*فشل مسعود برزاني في فرض مرشحه لرئاسة الجمهورية بعد امتناع واعراض نواب الكتل الشيعية والسنية ونواب الاتحاد الوطني الكردستاني عن انتخابه واجماعهم على انتخاب مرشح الاتحاد الوطني .
*منع ترشيح اي مسؤول او نائب سابق في منصب وزاري .
*هناك الكثير من العلامات المضيئة في المشهد العراقي الجديد تركناها للايام المقبلة ريثما تبرز وتزداد وضوحا وتجليا فاعلا على الساحة السياسة .
وفق هذه العلامات المضيئة توقعنا ان السياسيين من جميع الاطراف وعوا؛وصحوا؛ ونضجوا ورأوا ان المقاطعة او التطرف، والتعنت والخلاف لاجل الخلاف تجر المزيد من الخراب والدمار دون تحقيق نتيجة تذكر ؛حيث لم يتحقق في التخندق الطائفي الا العداوة والتشرذم؛ واتضح لهم وتأكد ان العراق الجديد لا يبنى الا بسواعد الجميع . كما كان للمواقف الجماهيرية المتمثلة في المقاطعة الكبيرة للانتخابات البرلمانية - وخسارة معظم النواب السابقين لمقاعدهم ؛واستمرار التظاهرات السلمية - اثرها في صحوة السياسيين ودفعهم لاعادة حساباتهم وتغيير اساليبهم وسلوكياتهم في التعامل مع الاوضاع البائسة المتردية في جميع الحقول الاقتصادية والخدمية والامنية والاجتماعية .ولكن –وبعد مرور شهر وايام- انطفأت هذه العلامات وعاد الجميع لممارسة ادوارهم السابقة بعدما فرضوا على رئيس الوزراء اراداتهم واجبروه على منحهم وزارات حسب مكوناتهم ؛واعترضوا على بعض مرشحيه للمناصب / وكأننا يا بدر لارحنا ولا جينا / ..رئيس وزراء مكبل باستحقاقات الكتل الانتخابية وتوجهاتها الاقليمية تجعل من المستحيل تنفيذ برنامجه لفترة اربع سنوات مقبلة ؛وزراء مفروضون فرضا ؛حبال المسؤولين على غواربهم يتصرفون بلا ضوابط ولاروابط ؛ بيع مناصب وزارية ؛ انسحابات وتهديدات ..اتهامات متبادلة وتسقيط ومناورات .. مساومات ومقايضات ومعرقلات.
خذ وخذ وطالب ... خذ وخذ وخرب .. شوش وهدد وافرض !.
اتضحت الصورة جلية وظهر عيانا جهارا :-
ان القوم في السر لا كألقوم في العلن
https://telegram.me/buratha