المقالات

الحرية، بين الدعوات المنفلتة والأخلاق القيمية

1568 2019-01-01

ضياء المحسن


لا يخفى على كل لبيب أنه بدون أخلاق وضوابط تحكم العلاقات بين أفراد المجتمع، يصبح المجتمع مثل الغابة تتحكم فيها الشهوات ومنطق القوة، بحيث تكون الغلبة للأقوى، وهو الأمر الذي انتبهت له الديانات السماوية كلها، كونها نزلت من سنخ واحد، وبالتالي فغن الباري عز وجل وهو العالم بشؤون عباده حدد ضوابط وقواعد تحكم بني البشر، بحيث لا يتجاوز أي فرد على حقوق الآخرين؛ مع إحتفاظه بحريته الشخصية ومعتقداته.
بملاحظة أن العراقيين بمختلف مشاربهم لا يختلفون في كثير عن بقية المجتمعات في العالم الذي يحيط بنا، لكن ما يميزهم أنهم يعتزون كثيرا بعادات وتقاليد تختلف عن الآخرين، وهذا الشيء المميز فيهم هو مشاركتهم لأبناء مجتمعهم (بغض النظر عن قوميته وديانته) في افراحهم وأتراحهم.
من هنا نجد أن أبناء الأديان الأخرى يشاركون في مناسبات دينية عديدة لدين أخرى، ويتبادلون التهاني والهدايا في هذه المناسبات، حتى ان هناك مناسبات دينية حزينة تجد أتباع الديانات الأخرى يشاركون في تلك المناسبات، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على عمق الروابط الإنسانية التي تربط فيما بينهم، بعيدا عن العُقد التي نجدها في مجتمعات أخرى، فتجد المسيحي يشارك إخوانه المسلمين في أعيادهم، كما يشارك في مناسبات دينية حزينة، قد يكون أبرزها مشاركتهم في واقعة الطف؛ وهي المناسبة التي إستُشهد فيها الإمام الحسين عليه السلام وأهله وأصحابه في محرم الحرام، كما يشارك المسلمين في أعياد أبناء الديانات الأخرى مناسباتهم، فتراهم يشاركون في مناسبات الصابئة المندائيين والأيزيديين وكذلك مناسبات الأخوى المسيحيين.
الملاحظ أن هناك هجمة منسقة يقوم بها من لديه أغراض دنيئة في محاولة لتقسيم البلاد على أسس دينية، بعد أن فشلت مخططاته الأخرى في تقسيم هذا البلد، نتيجة وقوف الشرفاء من أبناءه في وجه هذه المؤامرات، وتمثلت الهجمة هذه المرة باستغلال تصريحات من هنا وهناك، حول الإحتفالات في أعياد راس السنة الميلادية تحديدا، والتي حاول فيها أصحاب هذه الأغراض تأليب المسيحيين على إخوانهم المسلمين؛ خاصة مع ظهور تصريحات لبعض الشخصيات تستهجن بعض التصرفات الغريبة ليست في الدين الإسلامي فحسبح بل حتى أنها غريبة عن الدين المسيحي الذي يحتفل بمناسبة حلول رأس السنة الميلادية.
لاشك أننا نحترم الدين المسيحي، كما نحترم السيد المسيح وأمه مريم العذراء (عليهما السلام) كما نحترم بقية الأديان والأنبياءء، ونشارك في تلك الإحتفالات عندما تكون ضمن السياقات الصحيحة؛ التي جاء بها السيد المسيح عليه السلام، لكن عندما نجد أنها تتعارض مع ما اوصت به تعالم الدين المسيحي فإننا قطعا نستهجنها، كونها من البُدع التي تشوه الدين المسيحي، والتي قد تكون مقدمة لتشويه بقية الأديان.
من حق أي مواطن أن يحتفل ويمارس طقوسه بدون أي تدخل، سواء من قبل الأجهزة المختصة بحفظ الأمن، أو أي مواطن أخر طالما كانت في حدود الحريات المسموح بها، لأننا نعلم جميعا أن حدود حرية أي شخص، تنتهي عندما تتداخل مع حرية الشخص الأخر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك