المقالات

من يضحك على من؟

2537 2019-01-09

كاظم الخطيب


فن الممكن، سياسة عالمية رائدة، وأساليب حزبية واعدة، حتى وإن إتسمت بالكذب؛ فذلك ربما لتحصيل مكاسب يحققها السياسيون لبلدانهم، نتيجة لممارستهم هذا الفن، بإستغلالهم كل ما هو ممكن للوصول بهذه البلدان إلى مصاف الدول المتقدمة، والإرتقاء بشعوبهم إلى أعلى مراتب الحضارة والرقي.
الكذب والمراوغة والتضليل؛ مطية الفاشلين، ووسيلة الفاسدين، ومقابض أكف المتسلقين، ووسائل إصطلح ساستنا في العراق على تسميتها فناً.
فن السياسة في العراق هو ليس بالفن الذي يواكب ركب الفن السياسي العالمي؛ بل هو ليس بالسياسة أصلاً، ولا يمت لها بأي صلة، فقد تجاوز ساستنا بسلوكهم السياسي السمج كل حدود الإمكان- إلا اللهم حدود الصبر الخرافي الذي تميز به شعب العراق، على هؤلاء الذين يدعون السياسة التي لم يمارسها أحدهم يوماً- وتخطى قادتنا كل معاني الوطنية، والشرف، ولم يظهر أحدهم يوماً بعضاً من الخلق القيادي، ولا نزراً من اللياقة السياسية، وكأنهم لصوص قد تعاهدوا على سرقة هذا البلد والإنتقام من شعبه الصابر.
لصوص كلمة قد تكون قليلة بحق هؤلاء، ولعله من اللائق بهم أن نصفهم بالعبيد، كونهم لم يعتادوا ممارسة الحرية مطلقاً، كما حدث مع أحد العبيد مرةً، فقد كان لهذا العبد سيداً فاحشاً في الثراء، وقد كان يعامله بقسوة وخشونة، وفي ليلة مات هذا السيد، عندها حاولوا جرد تركته، فإذا بها تركة مهولة، وعندما بحثوا عن وريث له؛ لم يجدوا أحداً غير ذلك العبد؛ كونه غريباً عن هذه البلاد، ولم يكن له زوجة أو ولد، لذلك ورثه ذلك العبد، وبين ليلة وضحاها، أصبح العبد حراً، ويمتلك من الأموال ما يسيل له لعاب القوم.. توافد التجار والأشراف عليه، وإجتمعوا عنده، حينها سأله أحدهم.. (محفوظ بعد ما صرت حر وعندك هاي الأموال، شنو أول شي راح تسويه؟) أطرق العبد برأسه ملياً، ثم قال" سأشتري لي سيداً يعاملني برفق!.
هكذا هم ساستنا، فعندما كان صدام سيداً كانوا هم عبيداً - ولم يكونوا مجاهدون؛ كونها أكبر كذبة عرفها التأريخ- وعندما مات هذا اللقيط، لم يكن له وريث وترك العراق حراً، وعاد هؤلاء إلى البلاد أحراراً- كما أوهمونا- ليستولوا على خيراتها، ويتمتعوا بنعيمها، لكنهم ما أن تسلموا مقاليد الحكم؛ حتى بان عجزهم عن تصور أحدهم أنه حراً، وأن يكون حاكماً وإن بإمكانه أن يخدم بلده وشعبه بالطريقة التي كان يحلم أو يرجو، أو على الأقل بالطريقة التي كانت تداربها البلدان التي كانوا بجاهدون في فنادقها، وقاعات مؤتمراتها.
لكنه هاجس ذلك السيد الذي كان يسومهم العذاب، ويؤرق نومهم، ذلك السيد الذي أدمنوا سطوته، وأورثهم العبودية، حتى إنها قد أصبحت من أوضح سجاياهم، وأبين طباعهم، فراح كل منهم يبحث له عن سيد يعامله برفق؛ فتعددت الولاءات، وضاقت الرحب، وصودرت الريادة، وأنتزعت السيادة، لدرجة بات فيها الخنجر سيداً لمجاهدينا، وشيماء الحيالي- أخت داعش- مربيةً لأبنائنا، ونصل السعودية مقدساَ، ورغيف إيران مدنساً، وباتت دولة التسول- أردن النفاق- تشاركنا أموالنا، وتقاسمنا خيراتنا، وتنعتنا بالمارقين، وتمجد بجلادنا، وسيد ساستنا، وهي تحتضن عائلته اللئيمة، وتمنيهم بأمل العودة، وباتت مصر العمالة رائدة التطبيع مع الكيان الغاصب لفلسطين- مع الإعتذار للشرفاء من الإخوة المصريين- تتعافى إقتصادياً، على حساب أبناء البصرة والعمارة والناصرية وواسط والديوانية وغيرها من محافظات الجنوب والوسط، تلك المحافظات الحلوب، التي ما تمتع أبنائها بشي من خيراتها كما تمتع الآخر والآخرون بها.
أوغل سادة ساستنا الجدد في ظلمهم؛ لدرجة باتوا فيها هم الحاكمون ولو من خلف الستار، وقد إمتازوا عن أبناء العراق، بتحصيل حقوقهم اللامشروعة- إلا بجبن ساستنا وخنوعهم- من خلال حصول أبناء الأردن على النفط العراقي مجاناً، فيما تقف أم الشهيد العراقي في طابور طويل لتشري50 لتراً من النفط، لشهر كامل من البرد والجوع والحرمان.. كما بات يمتاز المواطن المصري الذي كان يعمل في العراق أبان حكم السيد المقبور، بحقوقه التقاعدية كاملة، في الوقت الذي يحجب عن أبناء الشهداء حقوقهم من تضحيات آبائهم.
حدودنا مفتوحة لهم هواناً، بينما توصد حدودهم بوجوهنا تحكماً ولؤماً، يشترطون علينا مقاطعة جيراننا وحلفائنا، ويأمروننا بمجافاة إمامنا الرضا- عليه السلام؛ حتى نكون أهلاً للتشرف بدخول بلادهم الخراب، التي ما عمرت إلا بخيراتنا سواءً كان ذلك في عهد السيد اللقيط، أو في عهد ساستنا من العبيد.
لن ولم يكن الشعب العراقي عبدا لأحد يوماً، بل إنه قد ساسه على الدوام رهط عبيد، لا يعرفون للحرية طعماً، وما مارسوها إلا رياءً ووهماً.. ولن يكون العراق وما كان أبداً، مرتعاً للدخلاء، ولن يكون من الجفاء، بأن يحتضن الجلاف اللقطاء، ويطرد من حضيرة قدسه أبنائه النجباء . 
لا بد للشعب من صحوة، لابد له من أن يكون له موقفاً، لابد من طرد العبيد وتأديبهم، لابد من فرض سيادتنا على أرضنا، لابد من تمزيق جواز سفر كل دخيل لا يحترم جواز سفر العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك