كاظم الخطيب
قيادات سياسية، وواجهات إعلامية، لا تكاد ترى أبعد من أرينبات أنوفها، ولا تعي إلا ما تعتقد، ولا ترمي إلا إلى زهو نرجسي، ومجد شخصي، واهمة أن ذلك هو ضرب من السياسة، وما هي إلا طاووسية قد طغت، وضابطة قد إنفلتت، كي تشعل النار في الهشيم، دون حساب لعاقبة أو أثر.
عندما يتصدى أحدهم أو يدعي بأنه سياسي، فإنما هو يمثل شعباً، ولا يمثل نفسه مطلقاً، ولا بد من أن تكون له عينان أخروان في قفاه، غير تلكما العينان اللتان تحت جبهته، كي يرى الأمور بجوانب متعددة، ومن زوايا مختلفة، ولابد أن يتحلى بالحكمة، وأن يمتطي الروية، وأن يتوخى الحذر، ويحسب للعاقبة حسابها، قبل أن ينبس ببنت شفة، أو أن يتخذ قراراً.
التنافس السياسي، والتزاحم الحزبي، والطموح الريادي، من الأمور الحميدة في الواقع السياسي الذي يتبنى الديمقراطية منهجاً، والتعددية منطلقاً، ويتخذ من الشرفية مسلكاً، ومن الوطنية مطلباً؛ لبناء دولة المواطن، والنهوض بواقع مواطن الدولة؛ اللتان هما من أشرف مسؤوليات الأحزاب والكتل والشخصيات السياسية.
يتعرض بلدنا اليوم لمؤامرة كبيرة، وتتحرك ضده أجندة خطيرة، هدفها توجيه الضربة له في الصميم، ومصادرة فرحة النصر، وتحطيم جدار الصد، ومحور الرد؛ ليكون داراً بلا أبواب، ومنزلاً بلا أعتاب، بعد أن فشل أرباب هذه المؤامرة في إختراق حاجز الشرف والفضيلة؛ الذي وقف بقوة وحزم، ودحر أعتى جيوش الشر، وهزم إرادة الإستكبار وبؤرة المكر، وأعاد العراق حراً كريماً.
تتبارى كثير من الكتل السياسية في إثبات مدى قربها، ومدى تطابق رؤاها مع تعليمات وتوجيهات المرجعية، لكنها في واقع الأمر؛ تتصرف بعكس إرادة المرجعية تماماً، فيما يتعلق بمصالحها الكتلوية، وإنفعالات قياداتها الشخصية، فإن الوقوع في الفتنة؛ هو من أخطر الأمور التي حذرت منها المرجعية، في حين تجد بعضهم يسارعون لإشعال نارها، ونفث أوارها، غير آبهين بنتائج هذه الفتنة على الأمة عموماً، وعلى البسطاء من مؤيديهم خصوصاً؛ كونهم هم من سيكون كبش فداء لغرور قياداتهم.
الخصومة شيء وارد، والإختلاف أمر متوقع، ولابد من الشرفية عند المخاصمة، والإبتعاد عن البحث في إمور الخصم الشخصية، والتشهير بعرضه وشرفه، فإنما هي من أقذر الوسائل التي قد يستخدمها أي خصم تجاه خصمه، هذا إن كان خصماً فعلاً.. فكيف به إن كان أخوك وإبن جلدتك وشريكك في القضية والمصير؟ أما كان الحوار أجدى؟ والتعامل بموضوعية وشرف أكرم؟ والإحتكام إلى العقل والرجوع إلى حكمة من تدعون أبوتها لكم، وبنوتكم لها ومثلكم الأعلى وصمام أمان العراق، والإستئناس برأيها السديد، لتلافي حالة التعريض ببعضكم البعض والتراشق على الملأ بعبارات التسقيط والتشهير، التي هي في واقع الأمر؛ إضعاف لكم، وتوهينا لقدركم، وإنزالكم منزلة المطية التي يحلم عدوكم أن يمتطيها، لتبديد جمعكم، وتغييب هويتكم، و تشتيت حشدكم.
فقد عادت اليوم قوى الشر بلباس جديد، وأدوات تختلف عن أدواتها السابقة، لكنها ترنو لتحقيق ذات الهدف، وفرض إراتها السابقة، بأساليب جديدة، ومطايا عديدة، لعل من أهمها هو الإعتماد على الأحزاب والقوى السياسية اللاهثة وراء جاه هزيل، وسلطة زائلة، وأموال سحت، على حساب شرفها ووطنيتها.. كما لجأت إلى بث الأخبار والوقائع الكاذبة، وإتخذت من أسلوب التشهير والتسقيط، وسيلة لزعزعة الثقة بالرموز الدينية والسياسية والإجتماعية.
حذار حذار من فتنة بين الأخ وأخيه، فإن جيوشاً جرارة من الأنامل التي لا تكل ولا تمل، ضرباً على لوحات مفاتيح الكيبورد، توحي إليها شياطين من الإنس وشياطين من الجان، جيوشاً أليكترونية، تنشر أخبار فرقتكم، وتتربص بكم، وتستهدف قيمكم، وتعبث بإرثكم، وتستقطب الشباب من أبناء شعبكم، من الذين فقدوا القدوة والمثل الأعلى، ليكونوا أداة لهم، لتحطيم أواصر المجتمع، وتشويه صورة الدين، ومحاربة وطنهم الذي لم يقدم لهم شيئاً- على حد زعمهم- إلا الموت والحرمان.
https://telegram.me/buratha