امل الياسري
عطاء عظيم أوله أن حمل هموم وطنه وشعبه، ولم يتراجع عن تأريخه المقاوم للطغيان والقمع، تظهر فيه أصوات الحكمة والإعتدال، أشاع روح الثورة والعقيدة الحسينية الرافضة للظلم والعبودية، فلم ولن يقر أبناء الحكيم للفاسدين إقرار العبيد، لأنهم يمثلون معسكر الإمام الحسين (عليه السلام)، بأن بذلوا كل ما يستطعيون من أجل الوطن والمواطن، فعطاؤهم بلا حدود، إنقطعوا عن كل شيء إلا قضية العراق، كانت تعيش فيهم أبداً، إذن هذا هو عراق الشهيد الحكيم رغم أنوف الحاقدين.
شهد العام ( 2002) في منتصف شهر كانون الأول منه أحداثاً متسارعة، والتي تخص القوى العراقية المعارضة في الخارج، وجمعها تحت تحالف واحد ورؤية واحدة، حول عراق ما بعد صدام، ففشلت محاولات عدة لعقد مؤتمر موحد في أمستردام وبروكسل، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية، أعطت دفعة دبلوماسية للمملكة المتحدة، لإحتضان المعارضة وعقد مؤتمر لندن في (14/ كانون الأول/2002)، والذي حضره مئات الشخصيات السياسية، والعسكرية، والإعلامية المعارضة للنظام السابق، تحت شعار (من أجل إنقاذ العراق).
فصائل المعارضة العراقية، إتفقت على تشكيل لجنة متابعة متكونة من (65) عضواً، لتتولى مسؤولية الإتصال بالجهات الخارجية، لدعم هذه القوى في جهودها، بالإطاحة بنظام صدام، والملفت في الأمر أن السيد عبد العزيز الحكيم (قدس)، ممثل المجلس الإعلى للثورة الإسلامية في العراق، قد حضر نيابة عن أخيه السيد محمد باقر الحكيم (قدس)، ذكر لوسائل الإعلام اللندنية، بأن أمريكا عرضت عليهم دعماً مالياَ وعسكرياً، فردَّ: المعارضة لديها الإمكانات الكافية لتغيير النظام العراقي، فلقد أراد الحكيم قيادة التغيير من الداخل الوطني العراقي، دون تدخل خارجي.
كثير من الناس يجهلون ما كان يبتغيه الأمريكيون في العراق، وكيف إصطدمت رؤوسهم بالصخور الحكيمية العنقاء، التي كانت تقف حائلاً أمام مشروعاتهم التآمرية، لإطالة أمد الإحتلال، وإستنزاف الثروة النفطية للعراق، وإثارة الفوضى والفتنة بين أبناء العراق، لذلك حاولوا التخلص من السيد محمد باقر الحكيم، بعد دخوله أرض العراق، وشاهد العالم إستقبال الحشود المليونية له، وهو ملتحف بمشروع الدولة العصرية العادلة، وبناء المؤسسات على عكسهم تماماً، وجميعنا يدرك معنى ما فعله بريمر بالعراق والعراقيين.
السيد محمد باقر الحكيم (قدس)، ذكر أن الشعب العراقي، هو المسؤول الوحيد عن تغيير النظام في البلد، لكنه بحاجة الى دعم إعلامي، ومعنوي من المجتمع الإقليمي والدولي، ورغم أن بعض القوى السنية، قد إعترضت على نسب التمثيل السياسي، في لجنة المتابعة قياساً لحجم مكونهم في العراق، حيث سيطر المجلس الإسلامي الأعلى، والحزبان الكرديان على مقاعد اللجنة، لكنها كانت إشارة واضحة من أمريكا لمعاقبة هذه الحركات السنية، تحت ذريعة أحداث (11/أيلول/2001)، فالتغيير لعراق ما بعد صدام هو عراق الحكيم.
هناك قضايا بالغة الأهمية، سلط عليها السيد محمد باقر الحكيم (قدس)، عند لقائه بالجماهير الزاحفة لإستقباله، وهي التي أثارت حفيظة أمريكا منه، أبرزها أنه أراد حكومة مستقلة غير مفروضة علينا، وحكم الشعب نفسه بنفسه، والحكومة تمثل جميع طوائف العراق، ومقاومة الحرب الصليبية الجديدة بثوبها المدني الزاهي، والتي تختفي تحت شعارات محاربة التطرف والإرهاب، ولكنها في حقيقتها تسعى لتدمير الثقافة الإسلامية، والسيطرة على الثروات الطبيعية للعراق، عليه فكيف يُحارب الحكيم؟ أليس من المفترض أن يكون عراقنا، بعد (2003) عراقاً لرجال الحكيم؟!
عائلة مجاهدة تستقي رسالتها الشماء من شريانها الدامي، وما كان لون الفداء الأحمر، إلا مصدر سعادة لهم ولأنصارهم، فهم الطريق صوب الحرية،ممَنْ تشرفوا بالشهادة، ورسموا لوحة خالدة بطفهم الحكيمي، فكشفوا القناع عن قبح أفعال العدو المجرم، ولقد كان الشهيد منهم يقول للآخر: والله ما رأيت جميلاً، في مشهد مكمل للصورة الإنسانية، لملحمة كربلاء في عاشوراء، ذلك أن مشروعهم الوطني، والسياسي، والإجتماعي مشروع السماء، فكان شهداء آل الحكيم ورجال الحكيم وثيقة ناطقة بالدم.
https://telegram.me/buratha