قاسم العبودي
أسقاط نظام ؟ أم أقامة نظام ؟
في يوم 1 شباط من عام 1979 هبطت طائرة الأير باص الفرنســية التي كانــت تحمل رجالات الثورة الأسلامية وفي مقدمتهم الأمام الراحل آية الله العظمى السيد الخميني الموسوي , لتطوى حينها صفحة قديمة , وتفتح صفحة جديدة في تأريــخ أيران المعاصر ومنطقة الشرط الأوسط كلها .
لقد راهن أعداء الثورة في الداخل والخارج على فشل هذه الثورة التي صــــــبغت بأسلاميتها المعلنة . لقد أختار السيد الوقت بدقة متناهية , فقد كانت الأرضية مهيئة تماما لأسقاط النظام الفاشي الشاهنشاهي . وكانت الجماهير على أهبــــة الأستــعداد للتضحية بالغالي والنفيس من أجل التغيير .
كان لتعدد الفصائل السياسية الكثيرة في الساحة الأيرانية , وتنوعها الأيدلوجي كاد أن يذهب بجهود التغيير أدراج الرياح لو لا رحمة الله , وصلابة السيد الأمام الذي فوت الفرصة على القوى السياسية المتواجدة , بسلب الثورة وجعلها مغنم شخصي . تم تشكيل المجلس الثوري , واللجان الثورية , من أجل النزول بقوة الى الشـــارع وأسقاط النظام البهــلوي الذي بدا بمواجهة الأمام وثورته الفتية . سرعان ما نزلت الى الشارع دبابات النظام لصد المتظاهرين الذين قابلوا الآلة العسكرية البهـــلوية بباقات الورد بدل الرصاص , وكان ذلك بحسب توجيه السيد الخميني , صـاحب الروح الأسلامية الثورية .
بدأ النظام بالأنهيار السريع تحت ضغط الشارع وتوجيهات السيد الأمام الذي أصبح الرمز الحقيقي للثورة . كان السيد قبل هذا اليوم عبارة عن محرض لأسقاط النظام , وموجه لحث الجماهير . لكن اليوم بدا هو القائد الحقيقي للثورة الأســلامية التي لم تكتسب أسلاميتها من أمعات فقهاء الحيض والنفاس الذي كان يحــلوا له وصـفهم . ولا من وعاض السلاطين الذين باعوا دينهم بدنياهم . عندما ألتـئم شمل المــجلس الثوري لتحديد هوية وعنوان الثورة , أختلفت التيارات المنضوية تحت المجــلس الثوري على شكل النظام الجديد , منهم من قال علماني ومنهم من أراده ليبرالي , وغيرهم أراده شيوعي . لكن الأمام رضوان الله عليه أطــل برأسة مصرحا بـأن الثورة أسلامية , وقد أغلق الباب خلفه .
في هذا اليوم الذي أعلن فيه الأمام أسلامية ثورته , أمتعضت القوى السياسية من ذالك , وبدأت تحيك المؤامرات الواحدة تلو الأخرى . منهم من ذهب بأتجاه الشرق ومنهم ذهب الى الغرب , وفي ذلك كله أدراك واضح من سماحته , وأطلاع منقطع النظير بماهـيـة نفوسهم الوجلة . فــي هذه المرحلة المفصلية الحساســــة من تأريخ الثورة , أنبرأ تلامذة المدرسة الخمينية الأســلامية الحركية بتوجيه الجماهير كـــلا حسب تواجده الجغرافي . فكان صوت السيد الشهيد السعيد محمدد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه مدويا بأعلانه : ذوبوا في الأمام الخميني , كما ذاب هو في الأسلام . وقال مانصه في مناسبة أخرى : أن الواجب على كل واحد منكم ( مخاطبا الجماهير ) على كل فرد قدر لــه حظه الســعيد أن يعيش في كنــــف هذه التجربة الأسلامية الرائدة , أن يبذل كل طاقاته , وكل مالديه من أمكانيات وخدمات ويضع ذلك كله في خدمة هذه التجربة .
هنا أبتدأ العمل الحركي الحقيقي , وبدأت ملامحه تتضح ليس في الساحة الأيرانية فحسب بل تعداها الى الساحات الأخرى ببركة الجهد الجلي والواضح لسماحة السيد الأمام روح الله الخميني . للمقالة بقية أن شاء الله تعالى .
https://telegram.me/buratha