المقالات

شعوب تألمت فتعلمت

2445 2019-02-15

سجاد العسكري
ان معظم الدروس التي تختزل العنف والرفاهية ,وخصوصا المعاناة شديدة الوقع على نفوس الشعوب كالحروب , تولد فكرا وحلا للخروج من عنق الزجاجة كما يقولون , فالفكر يتوصل به الى تسوية ترضي الجميع ,والحل مناسب لأخذ الجميع فرصته بعيدا عن التقاطعات , والمحصلة النهائية ستولد تخطيطا يشارك فيه الجميع لتجاوز العقبات ,فكلما تسير العملية بسلاسة وفق الضوابط والمعايير ينتج نضوج غير مسبوق ومتوقع من قبل ؛لتعم الفائدة ايضا للجميع و تنشأ طبقة اكثر وعيا وتخطيطا للمستقبل .
فالشعوب الحية هي التي تحافظ وتستفيد من تجاربها , حتى الطبقة الحاكمة هي نتاج الجماهير او من الجماهير , وحتى الاحزاب او المنظمات التي لها نفوذ ما , فان نامت الجماهير استيقضت الخفافيش والصوص ؛لكن العنف والمعاناة من المفترض ان يصنع شيأ اخر , اقل مايقال عليه انه بدء بالتغير الايجابي نحو خطوات صحيحة واثقة تبعث رسائل اطمئنان للفرد والمجتمع ؛لكن العكس في كل مايجري لا فائدة من التجارب ولا خبرة من الممارسات .
نموذج لبعض الشعوب التي خرجت من احتلال و ازمات حادة لتعتلي قمة الدول الاقتصادية اليوم منها :كوريا الجنوبية منذ عام 1910م وهي تحت الاحتلال اليابان لـ(36)سنة , وبعد هزيمة اليابان على يد الحلفاء تحررت كوريا مباشرة لتخضع للمعسكر الغربي والشرقي وعلى اثر ذلك انقسمت الى جنوبية وشمالية ...في هذه الفترة كانت واحدة من افقر دول العالم تغط في الدمار الاقتصادي والفوضى السياسية ..ثم دخلت حرب مع كوريا الشمالية في عام 1950م لتعيش اسوء مراحل تاريخها وتخلف الحرب خسائر اقتصادية وبشرية هائلة وتعيش على فتات المساعدات الخارجية؟! فبعد انقلاب عسكري سنة 1961م دخلت مرحلة جديدة عبر تأسيس مؤسسة (مجلس التخطيط الاقتصادي)التي انتشر لجانها في كل الوزارات لتطبيق الاستراتيجيات المرسومة , لكن كوريا الجنوبية ليس لديها حل لمواجهة الاعداء سوى استثمارها رأس مالها البشري , فعكفت على تدريب مئات الالاف من الطلاب كما ارسلت البعثات من الطلاب والموظفين من اجل الدراسة في الخارج, وماذا اصبحت كوريا الجنوبية اليوم ؟ نعم اصبحت قوة اقتصادية وعالمية بامتياز واصبحت يضرب بها المثل في التقدم والرقي!
وغيرها من النماذج كسنغافورة التي تتكون من مئات الاديان والاعراق واللغات استطاعت ان تحقق دولة اقتصادية مستقرة بجدارة , والبرازيل ذات 300 مليون نسمة كذلك, هذه الدول وغيرها كانت تعيش اسوء مراحل تاريخها ؛لكنها نهضت وتعلمت مما كان يؤلمها وتعاني منه لتبداء بصنع الانسان واستشمار طاقاته وتنميتها في خدمة بلده ومجتمعه , متى يستيقض الحالمين؟ 
فمنذ 2003م والازمات المفتعلة تعصف بالعراق , الشريك في هذه الازمات قوى من الخارج والداخل , ومناطق غير مستقرة وفي المقابل هنالك مناطق مستقرة وامنة لماذا لم تنفذوا استيراتيجيات اقتصادية فيها ؟ لتكون مثال يحتذى فيها من بقية المحافظات ؟
لن تتعلموا من اخطائكم , ولا من سنوات الازمات, فبعد كل تكاتف ضد الارهاب يفترض ان تكون قوة منسجمة تعي من المستهدف , ومن الفاعل لهذه الازمات , ومن يتخذ وجهين في تعاملاته , وتشخص الخلل ومكامن الضعف ومعالجتها ,لتنتقل الى مرحلة مختلفة وهي تحمل تصورات وحلول ومخططات, لتجنب البلد والمجتمع من منزلقات طالما كانت تعزف عليها طبقة سياسية او فئة مجتمعية ! متى تتعلموا من اخطائكم ؟ نحن نسمع تبادل الخبرات مع الدولة الفلانية في مجالات الطبية الذي اصبح عندنا تجارة لن تبور! وكذلك التعاون في المجال الاقتصادي ليزداد المنتفعين , او التعاون الامني ..., ولكن الاكثر الما هو عند ارسال بعثات وايفادات الموظفين لكسب خبرة ما ليتبين فيما بعد بان اغلب المرشحين للايفاد خارج الضوابط والاختصاص (لأن اهم شي السفرة ومبلغ الايفاد ).
متى نتعلم ؟ فالنتعلم من باقي الشعوب ,فهذه الجارة ايران رغم كل الصعوبات والمواجهات والتحديات لأسقاط نظامها واستهداف اقتصادها وخبراتها ؛لكنها دفعت بثلة مؤمنة لبناء البلد والاعتماد على خبراتها رغم كل الصراعات التي عانتها والنتيجة دولة قوية معتمدة على تمويل ذاتها وتنافس باقي الدول ولها مكانة عالمية ؟ المصيبة هي عندما ندرس بلا تفكير , والمصيبة الاكبر ان نفكر بلا دراسة قول يختصر مانمر به .
عسى ان نتعلم ان قيمة الانسان ليس بما يملكه بل بما يمنحه , فالكثير ممن يملكون الشهادات العليا الدكتور والبرفسور ؛لكن عند التقيم خبراتهم ومايقدموه (صفرا ) فالنتعلم من معاناتنا والامنا والازمات التي مررنا بها فالحياة لاتقاس بطول السنين ولا بكثرة الشهادات بل بما قدم من انجازات يخدم البلد والمجتمع ,(في المدرسة يعلمونك الدرس ثم يختبرونك اما الحياة فتختبرك ثم تعلمك الدرس) البرت انشتاين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك