أمل الياسري
العراق بلد مليء برجال التضحية، والفداء، والصبر، والصمود، والبناء، وما يشد عزيمتهم التي لن تلين، هو وجود مفاهيم ومقومات النهضة الحسينية، لتسكن وجدانهم وضمائرهم، لذا يعتبرونها بداية الإنطلاق، فعندهم كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.
العراق فيه قيادات كبيرة لم تقم بالإدعاءات، وإنما قارعت الطاغية المقبور، بفعل ما إمتلكته من مؤهلات مرتبطة برؤية، ومنهج، ومشروع، فكانت الشهادة عنوان محرابه، ليطلب مرعى جديداً بعد سنوات الفراق عن بلده، فكان اللقاء أجمل ما يكون!
العراق وقف على ساحل بحر لُجيّ، يبحث عن مكنونات هذا القائد الحكيم، الذي ما برحت أسرته تحارب الظلم والطغيان أينما كان، ومرت ملايين الأيام محملة بالمآسي، تجرف حياة العراقيين آملين عودته، لينعش ذاكرتهم بشواطئ الفرح ولو قليلاً.
العراق طريقه لن يكون معبداً بالورود، لكنه لم ولن يستسلم للإرهاب، ولابد من يوم للخلاص، فنهضت القصة من جديد، لأنها أصلاً لم تتوقف أو تنام، فوطنه يعيش بوجدانه، رغم أن رسائل الموت، تدمي قلبه المتلهف للشهادة في محرابه.
العراق عاش أيام الطاغية، بين السلطان والشيطان، واللذين أخذا منه أحلامه وطموحاته، ولم يتركا لنا سوى الدم والدمع، لذلك رفض شهيد المحراب، السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) العيش مع حياة لا يملك حريته فيها.
العراق لحظة الولادة في عام(2003)، عاش موتاً مؤجلاً، لكن الأعداء من أذناب الشيطان الأكبر، أرادت القضاء على عالم حكيم وقائد ثوري، لا يكترث لمطامع السلطة والنفوذ، ولن ينفذ أجنداتهم الخبيثة، ويرفض واقعهم جملة وتفصيلاً.
العراق حينما نادى مغتسل الجثث، فإنه رسم مخلوقات نورانية لا يستطيع تكفينها، لأنها أرواح طلبت المجد بصمت وهدوء، ولذلك وجدت في المحراب المقدس مكاناً آمناً مطمئناً، لتعيش نفسه الراضية المرضية، فكتب أبجديته العنقاء بدمه الطاهر.
العراق أيام النظام المقبور أرض ركلتها الحقيقة، وحدود حريتها مرهونة بالقائد الضرورة، فمرر أكاذيبه عبر البوابة الشرقية للوطن العربي، لكن ليث الجنوب الثائر، كان يكتب تأريخ الحكيم الجهادي، ويقتحم أوكار المنحرفين لينتصر أمام أعيننا قولاً وفعلاً.
العراق بعقوله المترجلة من خيول الغربة، الناطقة بالحق منذ بدء رحلتها للطاغية، الذي حاول شطب الجنوب من الوجود بطقوسه الحرة، لكن شهيد المحراب برجبه الأصب، تحمل المشاق، وجدد الميثاق، ليتجدد العناق، فالى ربك يومئذٍ المساق.
الأول من رجب، ذكرى إستشهاد السيد محمد باقر الحكيم (قدس)، بطل الجنوب وقائد حلم العراق، الذي تحقق بفضل جهاده لـ (35) سنة، بقي يطلب مرعاه معلقاً باستار الكعبة لينال الشهادة، فعليك ومنك السلام يا شهيد المحراب.
https://telegram.me/buratha